للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فَالرَّجُلُ أَوْلَى بِتَحْرِيمِهِ وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ «وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ إنَّمَا كَانَ لِصِيَانَةِ رَأْسِهِ لَا لِقَصْدِ كَشْفِ وَجْهِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ الْمُتَمَسِّكِينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ لَا يَقُولُونَ بِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا فِي الرَّأْسِ وَلَا فِي الْوَجْهِ وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ لَا إحْرَامَ فِي الْوَجْهِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَقْبَلْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ عَلَى أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا إنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي تَغْطِيَةِ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ جَزَمَ بِهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَبَنَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ التَّغْطِيَةَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ إنْ غَطَّى ثُلُثَهُ أَوْ رُبْعَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ يُغَطِّي الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ مَا دُونَ الْحَاجِبَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مَا دُونَ عَيْنَيْهِ وَهَذِهِ تَفْرِقَةٌ غَرِيبَةٌ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ لِكَشْفِ الرَّأْسِ وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لِذَلِكَ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِهِ انْتَهَى.

[فَائِدَة لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ فِي الْإِحْرَام] ١

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) وَأَمَّا لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ السَّرَاوِيلُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحِيطُ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ بَلْ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

[فَائِدَة الْمُرَادُ بِاللُّبْسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الْإِحْرَام]

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) الْمُرَادُ بِاللُّبْسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ فَلَوْ ارْتَدَى الْقَمِيصَ وَنَحْوَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ لَابِسًا لَهُ فِي الْعُرْفِ فَإِنْ قُلْت فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَجَدَ الْقُرَّ فَقَالَ أَلْقِ عَلَيَّ ثَوْبًا يَا نَافِعُ فَأَلْقَيْت عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَقَالَ تُلْقِي عَلَى هَذَا وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَلْبَسَهُ الْمُحْرِمُ» ؟ (قُلْت) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا مِنْ وَرَعِهِ وَتَوَقُّفِهِ كَرِهَ أَنْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ الْبُرْنُسَ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إنَّمَا يَكْرَهُونَ الدُّخُولَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَعْمَلَ الْعُمُومَ فِي اللِّبَاسِ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ وَالِامْتِهَانَ قَدْ يُسْمَى لِبَاسًا أَلَمْ تَسْمَعْ إلَى «قَوْلِ أَنَسٍ فَقُمْت إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ» انْتَهَى وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لَا لِاعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبُرْنُسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>