للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

«كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ» .

وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَفِي لَفْظٍ لَهُ (إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ) وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ وَلَفْظُهُ «وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا» .

[فَائِدَة يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ]

{التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ} فِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ جَوَازُ لُبْسُهُمَا بِحَالِهِمَا عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ وَلَا يَجِبُ قَطْعُهُمَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ» وَهُمَا فِي الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِيهِمَا ذِكْرُ الْقَطْعِ وَزَعَمَ أَصْحَابُهُ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمُصَرِّحَ بِقَطْعِهِمَا مَنْسُوخٌ وَقَالُوا قَطْعُهُمَا إضَاعَةُ مَالٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: وَلَا أَدْرِي أَيُّ الْحَدِيثَيْنِ نَسَخَ الْآخَرَ اُنْظُرُوا أَيُّهُمَا قَبْلُ.

وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَجِبُ حَمْلُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُمَا مُطْلَقَانِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ زِيَادَةٌ لَمْ يَذْكُرَاهَا يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ كِلَاهُمَا صَادِقٌ حَافِظٌ وَلَيْسَ زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا لَمْ يُؤَدِّهِ الْآخَرُ إمَّا عَزَبَ عَنْهُ وَإِمَّا شَكَّ فِيهِ فَلَمْ يُؤَدَّ وَإِمَّا سَكَتَ عَنْهُ وَإِمَّا أَدَّاهُ فَلَمْ يُؤَدِّ عَنْهُ لِبَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي اخْتَلَفَا اهـ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْإِذْعَانُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُمَا لِأَنَّ فِي قَطْعِهِمَا إفْسَادًا ثُمَّ قَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُخَالِفُ سُنَّةً تَبْلُغُهُ وَقَلَّتْ سُنَّةً لَمْ تَبْلُغْهُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَمَّا عَطَاءٌ فَيَهِمُ فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا أَحْمَدُ فَعَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ قَالَ وَهَذِهِ الْقَوْلَةُ لَا أَرَاهَا صَحِيحَةً فَإِنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَصْلُ أَحْمَدَ اهـ، وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فِي حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ «وَإِذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» وَلِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ هُنَا بَحْثٌ رَدَّهُ الْوَالِدُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَبَسَطَ فِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ.

{الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ} : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ فَإِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مَوْضِعُ بَيَانِهَا وَهُوَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَاضِحٌ فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>