للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مُتَقَارِبَةٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ {الثَّانِيَةُ} فِيهِ اسْتِحْبَابُ بَعْثِ الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهُ مُرْسِلُهُ وَلَا أَحْرَمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَإِنْ قُلْتَ قَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْهَا «فَتَلْتُ لِهَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» يَعْنِي الْقَلَائِدَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا اللَّفْظُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (قُلْتُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهَا قَبْلَ السَّنَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ حَالِهِ فِي سَنَةِ إحْرَامِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ حَالِهِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى وَيُصَرِّحُ بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الَّتِي لَمْ يُحْرِمْ فِيهَا قَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْهَا «ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي» وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَجَّتِهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا «ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ» وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ] ١

{الثَّالِثَةُ} وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ فِي عُنُقِهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْبَابِ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ فَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (لَقَدْ رَأَيْت الْغَنَمَ يُؤْتَى بِهَا مُقَلَّدَةً) وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (رَأَيْت الْكِبَاشَ مُقَلَّدَةً) .

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ (إنَّ الشَّاةَ كَانَتْ تُقَلَّدُ) .

وَعَنْ عَطَاءٍ " رَأَيْت أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسُوقُونَ الْغَنَمَ مُقَلَّدَةً " وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهَا لَا تُقَلَّدُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ بَوَّبَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (فَتْلُ الْقَلَائِدِ لِلْبُدْنِ وَالْبَقَرِ) فَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْغَنَمِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ أَيْ تَقْلِيدُ الْغَنَمِ مَذْهَبُنَا وَعَلَّلَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَقْلِيدِهَا انْتَهَى.

وَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَدْ نَقَلَهُ هُوَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ مُوَافِقٌ لِلْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا لَمْ تَخُصَّ بِذَلِكَ هَدْيًا دُونَ هَدْيٍ وَقَدْ صَرَّحَتْ بِالْغَنَمِ فِي رِوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>