للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَكُونَ الْإِحْصَارُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ وَخَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ (وَمِنْهَا) أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَرِ إرَاقَةُ دَمٍ أَمْ لَا، فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِوُجُوبِهِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجِبُ، وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُهُ (وَمِنْهَا) أَنَّ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الدَّمِ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ إرَاقَتِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُرِيقُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْحِلِّ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَذَلِكَ فَعَلَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَدَلَّ عَلَى الْإِرَاقَةِ فِي الْحِلِّ قَوْله تَعَالَى {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مَنَعُوهُمْ مِنْ إيصَالِهِ إلَى مَحِلِّهِ وَهُوَ الْحَرَمُ ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ عَطَاءٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ بَلْ نَحَرَ بِالْحَرَمِ وَخَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ إلَّا فِي الْحَرَمِ فَيُرْسِلُهُ مَعَ إنْسَانٍ وَيُوَاعِدُهُ عَلَى يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمُ تَحَلَّلَ ثُمَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ فِي الْإِحْصَارِ عَنْ الْحَجِّ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَمِنْهَا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ نُسُكٌ؛ وَقَالَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (وَمِنْهَا) أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَمْ لَا؟ فَأَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ الْقَضَاءَ بَلْ زَادُوا فَقَالُوا إنَّ عَلَى الْمُحْصَرِ عَنْ الْحَجِّ حَجَّةً وَعُمْرَةً؛ وَعَلَى الْقَارِنِ حَجَّةً وَعُمْرَتَيْنِ؛ وَلَمْ تُوجِبْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الْقَضَاءَ؛ وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَتَانِ: قَالُوا فَإِنْ كَانَ حَجَّ فَرْضٍ بَقِيَ وُجُوبُهُ عَلَى حَالِهِ؛ وَبَالَغَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبْعَدَ فَقَالَ: يَسْقُطُ عَنْهُ وَرَأَى ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إتْمَامِ النُّسُكِ عَلَى وَجْهِهِ فَهَذِهِ فُرُوعٌ لَا بُدَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِحْصَارِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِيهَا مُحَالٌ عَلَى مَوَاضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْخِلَافِ؛ وَبَقِيَتْ لَهُ فُرُوعٌ لَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا إذْ لَيْسَتْ فِي الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا كَالْمَذْكُورَةِ هُنَا؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ أَحْصَرَهُ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِنْ الْمُضِيِّ فِي نُسُكٍ]

(السَّادِسَةُ) مَوْرِدُ النَّصِّ فِي قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ فَلَوْ أَحْصَرَهُ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِنْ الْمُضِيِّ فِي نُسُكٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. وَقَالَ (أَبُو حَنِيفَةَ الْإِحْصَارُ بِالْمَرَضِ كَالْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>