للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَأْكُلْهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ» وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ سَعْدٌ وَأَتَوْا بِلَحْمِ ضَبٍّ فَنَادَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي» . لَفْظُ مُسْلِمٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَفْظُهُ «فَإِنَّهُ حَلَالٌ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ» شَكَّ فِيهِ.

(الثَّانِيَةُ) : الضَّبُّ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ وَالْأُنْثَى ضَبَّةٌ قَالَ فِي الْمُحْكَمِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْوَرَلَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ حِرْذَوْنٌ كَبِيرٌ يَكُونُ فِي الصَّحْرَاءِ.

(الثَّالِثَةُ) فِيهِ إبَاحَةُ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحَرِّمْهُ فَهُوَ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ، وَعَدَمُ أَكْلِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِعِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» ، وَقَدْ رَفَعَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ» كُلَّ إشْكَالٍ فَهَذَا نَصٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الْكُوفِيِّينَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَطْعَمُوهُ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى تَحْرِيمِهِ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الضَّبَّ حَلَالٌ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ كَرَاهَتِهِ وَإِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا هُوَ حَرَامٌ، وَمَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ فَإِنْ صَحَّ عَنْ أَحَدٍ فَمَحْجُوجٌ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ انْتَهَى.

(قُلْت) الْكَرَاهَةُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ بِلَا شَكٍّ كَمَا هُوَ فِي كُتُبِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَكْرُوهِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ فَظَهَرَ بِذَلِكَ وُجُودُ الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِهِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلِهَذَا نَقَلَ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَحْرِيمَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَزْمٍ وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْلَهُ، وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا فَحَكَى ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ مَنْسُوخٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّحْرِيمُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْجَوَازُ.

(الرَّابِعَةُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>