للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا حَبَسَك؟ قَالَ إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ» انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ «أَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَزَادَ فِي آخِرِهِ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ» .

ــ

[طرح التثريب]

إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ» انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ (فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَك مُنْذُ الْيَوْمَ فَقَالَ إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي أُمَّ وَاَللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي، فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ؛ فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ لَهُ قَدْ كُنْتَ وَعَدْتنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ قَالَ أَجَلْ وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إنَّهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ» وَاسْتَفَدْنَا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ احْتِبَاسَ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مَعَ مَوْعِدٍ وَعَدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ هَذَا سَبَبُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَوَيْت هَذِهِ الْقِصَّةَ بِنَحْوِ رِوَايَةِ عَائِشَةَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.

(الثَّانِيَةُ) حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ خِلَافًا فِي أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ كَلْبٌ خَاصٌّ بِجِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - أَوْ عَامٌّ لِجَمِيعِهِمْ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ جَمْعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ إنَّا لِلتَّعْظِيمِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْمُشَارَكَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ، هُمْ مَلَائِكَةٌ يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّنْزِيلِ وَالِاسْتِغْفَارِ.

وَأَمَّا الْحَفَظَةُ فَيَدْخُلُونَ فِي كُلِّ بَيْتٍ وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَمَ فِي حَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ، وَكِتَابَتِهَا.

[فَائِدَة سَبَبُ امْتِنَاعِ الْمَلَائِكَة مِنْ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ] ١

(الثَّالِثَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: سَبَبُ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِ النَّجَاسَاتِ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يُسَمَّى شَيْطَانًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ وَالْمَلَائِكَةُ ضِدُّ الشَّيَاطِينِ؛ وَلِقُبْحِ رَائِحَةِ الْكَلْبِ وَالْمَلَائِكَةُ تَكْرَهُ الرَّائِحَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>