للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْمُسْنَدِ، فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ، ثُمَّ نَظَرْت، فَإِذَا مَدَارُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ: الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا» ، وَحَدِيثُهُ «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» . هَكَذَا رَوَى ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ دَاسَةَ عَنْهُ نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ أَبْدَلَ حَدِيثَ إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ بِحَدِيثِ «لَا يَكُونُ الْمَرْءُ مُؤْمِنًا حَتَّى لَا يَرْضَى لِأَخِيهِ إلَّا مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ» .

وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَكَانَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي تَرَدَّدَ كَلَامُ أَبِي دَاوُد فِيهِ حَدِيثَ «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبّكَ النَّاسُ» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد أَيْضًا الْفِقْهُ يَدُورُ عَلَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.

[فَائِدَة مَدْلُول كَلِمَة إنَّمَا فِي حَدِيث إنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ] ١

(السَّابِعَةُ) كَلِمَةُ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَمَعْنَى الْحَصْرِ فِيهَا إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨] وَلَكِنْ دَلَالَتُهَا عَلَى النَّفْيِ فِيمَا عَدَاهُ هَلْ هُوَ بِمُقْتَضَى مَوْضُوعِ اللَّفْظِ أَوْ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ؟ فِيهِ كَلَامٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى وِفَاقِهِمْ أَنَّهَا لِلْحَصْرِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» فَاعْتَرَضَهُ الْمُخَالِفُونَ لَهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ رِبَا الْفَضْلِ وَلَمْ يُعَارِضُوهُ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ الْحَصْرِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ.

وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَلَى إثْبَاتِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ دُونَ لَفْظِ إنَّمَا، وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَيْضًا، وَإِسْنَادُهَا جَيِّدٌ إلَّا أَنَّ أَبَا مُوسَى الْمَدِينِيَّ قَالَ: لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ يَعْنِي بِدُونِ إنَّمَا.

(الثَّامِنَةُ) إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لِلْحَصْرِ فَتَارَةً تَقْتَضِي الْحَصْرَ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً تَقْتَضِي حَصْرًا مَخْصُوصًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: ٧] وَقَوْلِهِ {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: ٣٦] فَالْمُرَادُ حَصْرُهُ فِي النِّذَارَةِ لِمَنْ لَا يُؤْمِنُ وَنَفْيُ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا طَلَبُوا مِنْ الْآيَاتِ وَأَرَادَ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ الْحَصْرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ آثَرَهَا أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْغَالِبِ عَلَى النَّادِرِ. وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى بَوَاطِنِ الْخُصُومِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ، وَالسِّيَاقِ.

[فَائِدَة الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ فِي حَدِيث إنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ] ١

(التَّاسِعَةُ) الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>