للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

[فَائِدَة تَأَخُّرِ كِتَابَة الْوَصِيَّة] ١

(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ فِيهِ اغْتِفَارُ تَأَخُّرِ ذَلِكَ يَسِيرًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْعُسْرِ فَإِنَّهُ قَدْ تَتَزَاحَمُ أَشْغَالٌ تَقْتَضِي التَّأْخِيرَ، وَقَدْ يَحْتَاجُ تَذَكُّرَ مَا عَلَيْهِ وَضَبْطَ مِقْدَارِهِ إلَى زَمَنٍ وَتَفْرِيغِ خَاطِرٍ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ» وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ ذِكْرَ اللَّيْلَتَيْنِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الضَّبْطِ وَالتَّحْدِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ وَالتَّوَسُّعِ وَالْإِشَارَةِ إلَى اغْتِفَارِ الزَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ إلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي وَكَانَ الثَّلَاثُ غَايَةً لِلتَّأْخِيرِ فَيُبَادِرُ بِحَسَبِ التَّيَسُّرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الشَّيْءِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَدَايُنِهِ وَرَدِّهِ هَلْ يَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ]

(التَّاسِعَةُ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَدَايُنِهِ وَرَدِّهِ مَعَ الْقُرْبِ هَلْ يَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى التَّضْيِيقِ وَالْفَوْرِ وَكَأَنَّهُ رُوعِيَ فِي ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالُوا وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَكْتُبَ كُلَّ يَوْمٍ مُحَقَّرَاتِ الْمُعَامَلَاتِ وَجَرَيَانِ الْأُمُورِ الْمُتَكَرِّرَةِ.

[فَائِدَة الْخَطَّ فِي الْوَصِيَّةِ] ١

(الْعَاشِرَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْخَطِّ وَالْكِتَابَةِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اعْتَمَدَ الْكِتَابَةَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا. وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اعْتَمَدَ الْخَطَّ فِي الْوَصِيَّةِ خَاصَّةً وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ عَمَلًا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ مَنْ وُجِدَتْ لَهُ وَصِيَّةٌ بِخَطِّهِ عُمِلَ بِهَا لَكِنَّهُ قَالَ أَيْضًا إنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَخَتَمَهَا وَقَالَ اشْهَدُوا بِمَا فِيهَا لَمْ يَصِحَّ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: لَا يُعْتَمَدُ الْخَطُّ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ» أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا فَإِنَّهُ الَّذِي يُفِيدُ وَيُعْمَلُ بِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّ فِيهَا ضَبْطَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْمُرَادِ الْكِتَابَةُ بِشَرْطِهَا وَيَأْخُذُونَ الشَّرْطَ مِنْ خَارِجٍ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ١٠٦] الْآيَةَ. فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَصِيَّةِ بَلْ عَلَى إشْهَادِ اثْنَيْنِ وَذَلِكَ يَنْفِي إشْهَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>