للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «دِينَارًا وَلَا دِرْعًا» وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيِّ عَنْ مَالِكٍ «دَنَانِيرَ» بِلَفْظِ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَتَابَعَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ «دِينَارًا» وَهُوَ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَعَمُّ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْجِنْسَ وَالْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَلَفْظُ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ «مِيرَاثًا» حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ. قَالَ: إنَّهُ نَحْوُ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» .

(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ لَا تَقْتَسِمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَيْسَ يُقْسَمُ؛ لِأَنِّي لَا أُخْلِفُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قُلْت أَشَارَ إلَى قَوْلِهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ النَّهْيَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْهَى عَمَّا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ وَإِرْثُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ وَمَعْنَاهُ لَا يَقْتَسِمُونَ شَيْئًا؛ لِأَنِّي لَا أُورَثُ.

(الثَّالِثَةُ) ذِكْرُ الدِّينَارِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا سِوَاهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وَقَالَ تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥] وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّقْيِيدَ بِهِ حَتَّى إنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ.

[فَائِدَة نَفَقَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ] ١

(الرَّابِعَةُ) فِيهِ وُجُوبُ نَفَقَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ مَتْرُوكَاتِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقِيلَ: إنَّ سَبَبَهُ أَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَنْ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِإِرْثِهِنَّ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ اُخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ مُدَّةَ حَيَاتِهِنَّ وَلَا يَرِثُهَا وَرَثَتُهُنَّ بَعْدَهُنَّ.

[فَائِدَة الْمُرَادِ بِالْعَامِلِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ وَمُؤْنَةِ عَامِلِي] ١

(الْخَامِسَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْعَامِلِ فِي قَوْلِهِ «وَمُؤْنَةِ عَامِلِي» فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْقَائِمُ عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، وَالنَّاظِرُ فِيهَا وَعَلَيْهِ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَقُولُونَ أَرَادَ بِعَامِلِهِ خَادِمَهُ وَقَيِّمَهُ وَوَكِيلَهُ، وَأَجِيرَهُ وَنَحْوَ هَذَا. انْتَهَى. وَقِيلَ هُوَ كُلُّ عَامِلٍ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ خَلِيفَةٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَائِبٌ عَنْهُ فِي أُمَّتِهِ (السَّادِسَةُ) قَالَ الطَّبَرِيُّ فِيهِ: إنَّ مَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا مِنْ الْأَعْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>