للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

نَبِيَّةً وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِنُبُوَّتِهَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَلَا شَكَّ حِينَئِذٍ فِي فَضْلِهَا عَلَى خَدِيجَةَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إخْرَاجُ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - مِنْ هَذَا التَّفْضِيلِ إلَى اسْتِنْبَاطِهِ مِنْ قَوْلِهِ: رَكِبْنَ الْإِبِلَ؛ لِأَنَّ تَفْضِيلَ الْجُمْلَةِ لَا يَلْزَمُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ الْأَفْرَادِ، وَقَدْ عُلِمَ فَضْلُ مَرْيَمَ بِمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرُهُ؛ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: رَكِبْنَ الْإِبِلَ إخْرَاجَ نِسَاءِ غَيْرِ الْعَرَبِ لَلَزِمَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِنِسَاءِ قُرَيْشٍ فَضْلٌ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا الرُّومِ وَلَا الْفُرْسِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ النِّسَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى تَفْضِيلِهِنَّ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَفْضِيلِهِنَّ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَرَبِ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى تَفْضِيلِ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِهِمْ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا سِيقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي مَعْرَضِ التَّرْغِيبِ فِي نِكَاحِ الْقُرَشِيَّاتِ فَلَمْ يَقْصِدْ التَّعَرُّضَ لِمَرْيَمَ الَّتِي انْقَضَى زَمَانُهَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَةُ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَفِي غَيْرِهَا نِسَاءُ قُرَيْشٍ وَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَالْمَحْكُومُ لَهُ بِالْخِيرَةِ إنَّمَا هُوَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ لَا غَيْرِهِنَّ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَعْنِي بِالصَّلَاحِ هُنَا صَلَاحَ الدِّينِ وَصَلَاحَ الْمُخَالَطَةِ لِلزَّوْجِ وَغَيْرِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَحْنَاهُ وَأَرْعَاهُ.

[فَائِدَة الْحَانِيَةُ عَلَى وَلَدِهَا] ١

(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ: أَحْنَاهُ أَيْ أَشْفَقَهُ وَالْحَانِيَةُ عَلَى وَلَدِهَا الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ تَيَتُّمِهِمْ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَيْسَ بِحَانِيَةٍ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَقَوْلُهُ: عَلَى وَلَدٍ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَلَى يَتِيمٍ فَقَدْ يُجْعَلُ هَذَا مِنْ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعُمُومِ فَهِيَ حَانِيَةٌ عَلَى وَلَدِهَا مُطْلَقًا لَكِنَّ الَّذِي تَقْوَى حَاجَتُهُ إلَى حُنُوِّهَا هُوَ الْيَتِيمُ أَمَّا مَنْ أَبُوهُ حَيٌّ فَمُسْتَغْنٍ عَنْهَا بِرَفْدِ أَبِيهِ وَلِذَلِكَ قَيَّدَ الْوَلَدَ بِالصِّغَرِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ حُنُوِّ الْأُمِّ بَعْدَ كِبَرِهِ.

(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ أَيْ أَحْفَظُ وَأَصْوَنُ وَقَوْلُهُ فِي ذَاتِ يَدِهِ أَيْ فِي مَالِهِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ حِفْظُهَا مَالَ الزَّوْجِ وَحُسْنُ تَدْبِيرِهِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَصِيَانَتُهُ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ.

(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ أَحْنَاهُ وَأَرْعَاهُ أَصْلُهُ أَحْنَاهُنَّ وَأَرْعَاهُنَّ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ إلَّا مُفْرَدًا قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خُلُقًا» وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: «عِنْدِي أَحْسَنَ الْعَرَبِ وَأَجْمَلَهُ أُمُّ حَبِيبَةَ» .

(الثَّامِنَةُ) فِيهِ فَضْلُ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ.

(إحْدَاهُمَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>