للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْكِتَابَةِ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ: لَيْسَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى بِمَا تَقَدَّمَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، وَالْجُمْهُورُ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ لَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى وَطْءِ أَيَّتَهمَا شَاءَ، فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حُرِّمَتْ الْأُخْرَى وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَكْفِي هِبَتُهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَلَوْ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ إذْ لَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فَقَطْ وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ جَوَازَهُ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، قَالَ: وَهُوَ خِلَافٌ شَاذٌّ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الشِّيعَةِ وَأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الْآيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي النِّكَاحِ قَالَ: وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ لَا يُقْبَلُ بَلْ جَمِيعُ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ مُحَرَّمَاتٌ بِالنِّكَاحِ وَبِمِلْكِ الْيَمِينِ جَمِيعًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ يَحِلُّ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِإِنْكَاحِهَا فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (حَرَّمَتْهَا آيَةٌ وَأَحَلَّتْهَا آيَةٌ وَلَمْ أَكُنْ أَفْعَلُهُ) وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنْ عُثْمَانَ وَأَنَّ رَجُلًا آخَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْت أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْته نَكَالًا، قَالَ الزُّهْرِيُّ أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.

[فَائِدَة تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ] ١

(السَّابِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَخَصُّوا بِهَا قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَيِّنٌ لِلنَّاسِ مَا نَزَلَ إلَيْهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: هَذَا مَشْهُورٌ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِمِثْلِهِ.

[فَائِدَة الْجَمْعَ بَيْنَ بِنْتَيْ الْعَمِّ]

(الثَّامِنَةُ) ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ مَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ قَطْعِ الْأَرْحَامِ النَّاشِئِ عَنْ التَّبَاغُضِ الَّذِي يَثُورُ مِنْ الْغَيْرَةِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ إبَاحَةُ الْجُمْهُورِ الْجَمْعَ بَيْنَ بِنْتَيْ الْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ آكَدُ فِي الْمَحَارِمِ فَلَا يَلْزَمُ طَرْدُهُ فِي غَيْرِهِنَّ وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّعْلِيلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ قَالَ: إنَّكُنَّ إذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْتُنَّ أَرْحَامَكُنَّ» وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ مُرْسَلًا قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى قَرَابَتِهَا مَخَافَةَ الْقَطِيعَةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>