للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا لِكَوْنِهِ لَمْ يَنْوِ الْفَائِتَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ أَيْضًا عُمْرَةً وَلَكِنَّ الْحَجَّ خَرَجَ عَنْ قِيَاسِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْ شُبْرُمَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي تَلِيهَا.

[فَائِدَة الصرورة إذَا نَوَى الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ]

(الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) احْتَجَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّ الصَّرُورَةَ يَصِحُّ حَجُّهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَوَاهُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، فَقَالَ أَحَجَجْت قَطُّ؟ قَالَ لَا قَالَ فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِك، ثُمَّ حَجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «حُجَّ عَنْ نَفْسِك، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» وَلَك أَنْ تَقُولَ لَيْسَ فِيهِ تَصْحِيحُ الْإِحْرَامِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ عَنْ نَفْسِهِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الْإِحْرَامُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ فَرْضِ نَفْسِهِ لَأَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ بِإِخْرَاجِ دَمٍ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ صَحِيحٍ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُجَاوَزَتِهِ لِلْمِيقَاتِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ عَنْ نَفْسِك، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَدْ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ فِيهَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَاسْتَدَلَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ: «سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ نُبَيْشَةَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمُلَبِّي عَنْ نُبَيْشَةَ، اُحْجُجْ عَنْ نَفْسِك» ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُقَالُ إنَّ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ كَانَ يَرْوِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى الصَّوَابِ، وَقَدْ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إلَى أَنَّ الصَّرُورَةَ إذَا نَوَى الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَوَاهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة اسْتِمْرَار النِّيَّة حُكْمًا إلَى آخِرِ الْعِبَادَةِ] ١

(الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَمَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ النِّيَّةِ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ يُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُهَا حُكْمًا إلَى آخِرِ الْعِبَادَةِ حَتَّى لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ وَنَوَى قَطْعَ الْعِبَادَةِ بَطَلَتْ الْعِبَادَةُ، وَقَدْ فَرَّقَ فِيهِ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْعِبَادَاتِ فَجَزَمُوا فِيمَا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْبُطْلَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَخْرُجُ أَوْ يَسْتَمِرُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>