للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا تَتَجَدَّدُ بِالطُّهْرِ، وَقَالَ زُفَرُ يَحْرُمُ طَلَاقُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ كَالْمَدْخُولِ بِهَا، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَحْفَظْ قَوْلَ زُفَرَ ثُمَّ حَكَى عَنْ أَشْهَبَ مِثْلَهُ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا حَائِضًا.

(سَابِعُهَا) إذَا طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ طَلْقَةً ثَانِيَةً مَسْبُوقَةً بِأُولَى فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ فَهَذِهِ الثَّانِيَةُ حَرَامٌ إنْ قُلْنَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ، وَهُوَ الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ لِعَدَمِ التَّطْوِيلِ فَاسْتِثْنَاءُ هَذِهِ عَلَى ضَعْفٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِيهِ إلَّا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ الْقِيَاسِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ أَيْضًا لِاعْتِقَادِهِ دُخُولَ النِّفَاسِ فِي مُسَمَّى الْحَيْضِ، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْحَيْضِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِي النِّفَاسِ، وَهُوَ ذُهُولٌ فَقَدْ قُرِّرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَخَابِيلِ مِمَّنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ إنَّ النُّفَسَاءَ لَا تَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ.

[فَائِدَة الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ هَلْ هُوَ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَمْ لَا] ١

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ هَلْ هُوَ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَالَ لِعُمَرَ مُرْهُ» فَأَمَرَهُ بِأَمْرِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي اقْتِضَاءِ ذَلِكَ الطَّلَبِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي أَنَّ لَوَازِمَ صِيغَةِ الْأَمْرِ هَلْ هِيَ لَوَازِمٌ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالْأَمْرِ أَمْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُمَا هَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا قُلْت الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِذَلِكَ، وَلَا يُتَّجَهُ تَخْرِيجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ آمِرًا لِابْنِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُبَلِّغٌ لَهُ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي بِهَذَا، وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَمِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْهُ لِيُرَاجِعْهَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ «لِيُرَاجِعْهَا» ، وَفِي رِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ «فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا» فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَمْرُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ أَمْرِ عُمَرَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَلَا يُتَّجَهُ هُنَا مَا قَالُوهُ فِي تَمَسُّكِ الْآمِرِ بِالْأَمْرِ بِأَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ مُرْ عُمْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>