للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِيهِ جَوَازُ إطْلَاقِ الْفَتْوَى، وَيَكُونُ الْمُرَادُ تَعْلِيقُهَا بِثُبُوتِ مَا يَقُولُهُ الْمُسْتَفْتِي، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُفْتِي أَنْ يَقُولَ إنْ ثَبَتَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَا، وَكَذَا بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْإِطْلَاقُ كَمَا أَطْلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَفْظًا فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ مَعْنًى فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ صَحَّ مَا ذَكَرْتِ فَخُذِي.

[فَائِدَة لِلْمَرْأَةِ مَدْخَلًا فِي كَفَالَةِ أَوْلَادِهَا وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ] ١

(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ مَدْخَلًا فِي كَفَالَةِ أَوْلَادِهَا وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ أَبِيهِمْ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَذِنَ الْقَاضِي لِأُمِّهِ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ عَلَيْهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ، وَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ إذْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إفْتَاءً، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فَإِنْ قُلْنَا كَانَ قَضَاءً فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي.

[فَائِدَة اعْتِمَاد الْعُرْفِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَحْدِيدٌ شَرْعِيٌّ]

(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ اعْتِمَادُ الْعُرْفِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَحْدِيدٌ شَرْعِيٌّ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُنْكِرِينَ لَهُ لَفْظًا الْآخِذِينَ لَهُ عَمَلًا انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا إلَّا بِالْمَعْرُوفِ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ أَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا حَرَجَ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ إلَّا بِالْمَعْرُوفِ أَيْ لَا تُنْفِقِي إلَّا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ لَا حَرَجَ إذَا لَمْ تُنْفِقِي إلَّا بِالْمَعْرُوفِ (قُلْت) وَيَحْتَمِلُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا تُنْفِقِي إلَّا بِالْمَعْرُوفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] ١

(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ، وَغَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ هَذَا الِاسْتِدْلَال عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَغَيْرِهِمْ، وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ كَانَتْ بِمَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ حَاضِرًا بِهَا، وَشَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ أَوْ مُسْتَتِرًا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَزِّزًا، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الشَّرْطُ فِي أَبِي سُفْيَانَ مَوْجُودًا فَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ هُوَ إفْتَاءٌ، وَفِي كَوْنِ إذْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ إفْتَاءً أَوْ قَضَاءً وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ إفْتَاءٌ انْتَهَى. وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْقَضَاءِ فِي الْغَائِبِ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنْعِهِ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ بِقَضِيَّةِ هِنْدٍ، وَكَانَ ذَلِكَ قَضَاءً مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>