للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الصَّادِ فَهُوَ الْمُعْطِي، وَأَصْلُهُ الْمُتَصَدِّقُ أُدْغِمَتْ التَّاءُ فِي الصَّادِ لِتَقَارُبِ مَخْرَجِهِمَا. وَقَالَ ثَابِتٌ إنَّهُ يُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِلَّذِي يَأْخُذُهَا، وَاَلَّذِي يُعْطِيهَا، وَجَاءَ اسْتِعْمَالُ الْمُشَدَّدِ فِي طَالِبِ الصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَأَنْكَرَ ثَعْلَبٌ. (الرَّابِعَةُ)

قَوْلُهُ (فَلَاجَّهُ رَجُلٌ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ كَذَا ضَبَطْنَاهُ، وَرَوَيْنَاهُ أَيْ تَمَادَى فِي خُصُومَتِهِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْمُلَاجَّةُ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ لَجَّ فِي الْأَمْرِ تَمَادَى عَلَيْهِ، وَأَبَى أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهُ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُد فَلَاحَّهُ بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ بِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى مِنْ الْإِلْحَاحِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَلَحَّ السَّحَابُ أَيْ قَامَ مَطَرُهُ، وَأَوْرَدَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ دَاسَّةَ عَنْ أَبِي دَاوُد فَلَاجَّهُ رَجُلٌ أَوْ لَاحَاهُ عَلَى الشَّكِّ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأُولَى، إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ لَاحَاهُ، وَقَالَ مَعْنَاهُ نَازَعَهُ، وَخَاصَمَهُ، وَفِي بَعْضِ الْأَمْثَالِ (عَادَاك مِنْ لَاحَاك) .

(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ (فَشَجَّهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْجِيمِ أَيْ جَرَحَهُ فِي رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَالشَّجَّةُ الْجِرَاحَةُ فِي الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْبَدَنِ كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ.

وَقَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَخَصَّصَهَا صَاحِبَا الصِّحَاحِ، وَالْمَشَارِقِ بِجِرَاحَةِ الرَّأْسِ، وَلَعَلَّهُمَا ذَكَرَا الْغَالِبَ، وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ الشَّجُّ فِي الرَّأْسِ خَاصَّةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي غَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.

(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ فَأَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ الْمَشْجُوجُ، وَمَنْ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِآخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، وَالْقَوَدُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ الْقِصَاصُ، وَهُوَ سَنُصَوِّبُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَطَلَبَ الْقَوَدَ.

[فَائِدَة لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ] ١

(السَّابِعَةُ) تَقْرِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا عَلَى طَلَبِ الْقَوَدِ وَمُرَاضَاتُهُ لَهُ بِمَا يَخْتَارُهُ مِنْ الْعِوَضِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ، وَذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي دَاوُد - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَبْوِيبِهِ فِي سُنَنِهِ (الْعَامِلُ يُصَابُ عَلَى يَدِهِ الْخَطَأُ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ خَطَأً لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَوَدٌ.

(الثَّامِنَةُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تَكْشِفُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا مِنْ الْجِرَاحَاتِ، وَهِيَ الْحَارِصَةُ، وَالدَّامِيَةُ، وَالْبَاضِعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>