للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْقَائِلُ قَالَ أَبِي هُوَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَوْ قَالَ يَعْنِي بِالْعَرْفِ الرِّيحَ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَأَنَّهُ حَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ مِنْ قَوْلِهِ الْعَرْفَ عَلَى طَرِيقِ التَّوَسُّعِ فَانْتَصَبَ.

[فَائِدَة المجروح فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَحْيَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى هَيْئَتِهِ] ١

(الثَّامِنَةُ) فِيهِ أَنَّ الْمَجْرُوحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَحْيَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالَةَ الْجِرَاحَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ أَوْ تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ لِقَوْلِهِ كُلُّ كَلْمٍ،، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَاهِدُ فَضِيلَتِهِ، وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

[فَائِدَة مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي قَتْلِ الْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ] ١

(التَّاسِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالُوا وَهَذَا الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي قَتْلِ الْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَفِي إقَامَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ بِالْمَعْنَى هَذِهِ الْأُمُورُ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (قُلْت) وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي دُخُولِ الْمُقَاتِلِ دُونَ مَالِهِ فِي هَذَا الْفَضْلِ لِإِشَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى اعْتِبَارِ الْإِخْلَاصِ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، وَالْمُقَاتِلُ دُونَ مَالِهِ لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ إنَّمَا يَقْصِدُ صَوْنَ مَالِهِ، وَحِفْظَهُ فَهُوَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ لَا بِدَاعِيَةِ الشَّرْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ شَهِيدًا أَنْ يَكُونَ دَمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَرِيحِ الْمِسْكِ، وَأَيُّ بَذْلٍ بَذَلَ نَفْسَهُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَسْتَحِقَّ هَذَا الْفَضْلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة فَضْلَ الشَّهِيدِ]

(الْعَاشِرَةُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُبْعَثُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّ فَضْلَ الشَّهِيدِ أَنَّ رِيحَ دَمِهِ كَرِيحِ الْمِسْكِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ قَالَ: وَمَنْ قَالَ إنَّ الْمَوْتَى جُمْلَةً يُبْعَثُونَ عَلَى هَيْئَتِهِمْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي الشَّهِيدِ فَتَأَوَّلَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَيَكُونُ الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِهِ هُوَ الشَّهِيدَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُزَمَّلَ بِثِيَابِهِ، وَيُدْفَنَ فِيهَا، وَلَا يُغْسَلَ عَنْهُ دَمُهُ، وَلَا يُغَيَّرَ شَيْءٌ مِنْ حَالِهِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّكُمْ تُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: ١٠٤] ، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ» قَالَ: وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>