للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» .

{الثَّانِيَةُ} الْمُرَادُ بِالنَّاصِيَةِ هُنَا الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَغَيْرُهُ قَالُوا وَكَنَّى بِالنَّاصِيَةِ عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْفَرَسِ يُقَالُ فُلَانٌ مُبَارَكُ النَّاصِيَةِ، وَمُبَارَكُ الْغُرَّةِ أَيْ الذَّاتِ (قُلْت) وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أُشِيرَ بِذِكْرِ النَّاصِيَةِ إلَى أَنَّ الْخَيْرَ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَدَّمِهَا لِلْإِقْدَامِ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ دُونَ مُؤَخِّرِهَا لِلْإِدْبَارِ بِهَا عَنْ الْعَدُوِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْخَيْلِ وَالْخَيْرِ مِنْ الْجِنَاسِ، وَهَذَا مِنْ بَلِيغِ الْكَلَامِ.

{الثَّالِثَةُ} فِيهِ اسْتِحْبَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ ارْتِبَاطُهَا لِلْغَزْوِ وَقِتَالِ الْعَدُوِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ «الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحِ «الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّ الشُّؤْمَ يَكُونُ فِي الْفَرَسِ» ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ فَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْغَزْوِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشُّؤْمَ يَجْتَمِعَانِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْصُلُ الْخَيْرُ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ، وَلَا يَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ مِمَّا يُتَشَاءَمُ بِهِ فَقَدْ يَحْصُلُ فِي الشَّيْءِ النَّفْعُ وَالضَّرَرُ بِاعْتِبَارَيْنِ.

وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَيَرُدُّ الثَّانِيَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» فَإِنَّ الْبَرَكَةَ وَالشُّؤْمَ ضِدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ.

[فَائِدَة الْجِهَادَ وَاجِبٌ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ] ١

{الرَّابِعَةُ} اسْتَدَلَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمَا عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ وَاجِبٌ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ بَقَاءَ الْخَيْرِ فِي نَوَاصِيهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَفَسَّرَهُ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُصُولِ هَذَا الْفَضْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَزْوُ مَعَ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَوْ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا تُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلَا تُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَالصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» سَكَتَ أَبُو دَاوُد عَلَيْهَا.

{الْخَامِسَةُ} وَفِيهِ بُشْرَى بِبَقَاءِ الْجِهَادِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>