للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رِوَايَةَ غَيْرِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَلَى رِوَايَتِهِ قَالَ لِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ حُفَّاظٌ، وَأَشَارَ إلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ رِوَايَتِي اللَّيْثِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ نَفَلَنَا بِمَعْنَى أَجَازَ ذَلِكَ لَنَا، وَجَزَمَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ نَفَلَهُمْ فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.

[فَائِدَة نَفْلِ السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنْ الْعَسْكَرِ] ١

{الْخَامِسَةُ} ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ هَذِهِ السَّرِيَّةَ لَمْ تَكُنْ قِطْعَةً مِنْ جَيْشٍ كَبِيرٍ بَلْ هُمْ جَمَاعَةٌ أُخْرِجُوا لِذَلِكَ مُنْفَرِدِينَ فَبَلَغَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ سِهَامِ غَنِيمَتِهِمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَأُعْطُوا زِيَادَةً عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ عَلَى طَرِيقِ التَّنْفِيلِ كُلَّ وَاحِدٍ بَعِيرًا، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد «أَنَّ تِلْكَ السَّرِيَّةَ كَانَتْ قِطْعَةً مِنْ جَيْشٍ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ بَلَغَ سَهْمُهُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَتَمَيَّزَتْ السَّرِيَّةُ عَلَى الْجَيْشِ بِنَفْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعِيرًا فَبَلَغَ سَهْمُهُ بِالتَّنْفِيلِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا» ، وَمَشَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَاعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ بَابُ نَفْلِ السُّرِّيَّةِ تَخْرُجُ مِنْ الْعَسْكَرِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهَا بِمُعَارَضَتِهَا لِمَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهَا بِقَوْلِهِ لَا تَعْدِلْ مَنْ سَمَّيْت مِنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هَذَا لِمُخَالَفَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ مَالِكًا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَالنَّفَلَ كَانَ كُلُّهُ لَهَا لَا يَشْرَكُهَا فِيهِ جَيْشٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَجَعَلَ شُعَيْبٌ السَّرِيَّةَ مُنْبَعِثَةً مِنْ جَيْشٍ، وَأَنَّ الْغَنِيمَةَ كَانَتْ بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَالسَّرِيَّةِ، وَفُضِّلَ أَهْلُ السَّرِيَّةِ عَلَى الْجَيْشِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ لِمَوْضِعِ شَخْصِهِمْ وَنَصِيبِهِمْ قَالَ: وَلَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَتْهُ السَّرِيَّةُ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ أَهْلُ الْجَيْشِ، وَمَا صَارَ لِلْعَسْكَرِ تَشْرَكُهُمْ فِيهِ السَّرِيَّةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدٌّ لِصَاحِبِهِ (قُلْت) الْمُرَادُ الْجَيْشُ الْخَارِجُ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَاَلَّذِي انْفَرَدَتْ مِنْهُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ لِمَصْلَحَةٍ أَمَّا الْجَيْشُ الْقَاعِدُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُشَارِكُ السَّرِيَّةَ الْخَارِجَةَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ وَحْدَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة إثْبَاتُ نَفْلِ السَّرِيَّة] ١

{السَّادِسَةُ} فِيهِ إثْبَاتُ النَّفْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ تَخْصِيصُ مَنْ صَنَعَ صُنْعًا جَمِيلًا فِي الْحَرْبِ انْفَرَدَ بِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّهِ هَلْ هُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَمْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا أَمْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ، وَبِكُلٍّ مِنْهَا قَالَ جَمَاعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>