للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْآنِيَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ

[فَائِدَةٌ نقض الْوُضُوء بالنوم] ١

(الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) اسْتَدَلَّ بِهِ النَّسَائِيّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بِهِ فِي سُنَنِهِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ قَالَ: وَهُوَ أَمْرٌ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي النَّائِمِ الْمُضْطَجِعِ الَّذِي قَدْ اسْتَثْقَلَ نَوْمًا وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالسُّدِّيُّ: فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] أَيْ مِنْ النَّوْمِ، ثُمَّ حَكَى بَعْدَ ذَلِكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا، وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ مَذَاهِبَ:

(أَحَدُهَا) لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدَ الْأَعْرَجِ، وَالشِّيعَةِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ يَرُدُّ مَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ: وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ جَهْلًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لِهَذَا الْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ» الْحَدِيثَ قَالَ وَلَيْسَا بِالْقَوِيَّيْنِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ يُنْقَضُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ سَلَامٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ وَحَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ غَرِيبٌ (قُلْت) : وَهُوَ قَوْلٌ لِلْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا وَكَوْنُهُ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ قَدْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ عَنْ كَوْنِ نَوْمِ الْجَالِسِ لَا يُنْقَضُ إلَى غَلَبَةِ النَّوْمِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ قَالَ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ «كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» قَالَ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْمِ الثَّقِيلِ الْغَالِبِ.

(وَالثَّالِثُ) يُنْقَضُ كَثِيرُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ دُونَ قَلِيلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ (وَالرَّابِعُ) لَا يُنْقَضُ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد فِيمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا (وَالْخَامِسُ) لَا يَنْقُضُ إلَّا نَوْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>