للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِخَاصَّتِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ إذْ يُشْرِكُهُ غَيْرُهُ فِي الرَّوْعِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ بِالتَّرْوِيعِ؛ لِأَنَّ التَّرْوِيعَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ بَلْ يَعُمُّ جَمِيعَ الْحَيَّاتِ فَتَذْهَبُ خُصُوصِيَّةُ هَذَا النَّوْعِ بِهَذَا الِاعْتِنَاءِ الْعَظِيمِ وَالتَّحْذِيرِ الشَّدِيدِ، ثُمَّ إنْ صَحَّ هَذَا فِي طَرْحِ الْحَبَلَ فَلَا يَصِحُّ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ فَإِنَّ التَّرْوِيعَ لَا يُذْهِبُهُ

[فَائِدَة تَمَسُّك ابْنُ عُمَرَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْحَيَّاتِ] ١

(التَّاسِعَةُ) فِيهِ تَمَسَّكَ ابْنُ عُمَرَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْحَيَّاتٍ وَطَرْدِهِ فِي كُلِّ حَيَّةٍ حَتَّى نُقِلَ لَهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِغَيْرِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَعَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ:

(أَحَدُهَا) قَتْلُهُنَّ مُطْلَقًا فِي الْبُيُوتِ وَالصَّحَارِي بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كُنَّ وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِالْعُمُومَاتِ فِي قَتْلِهِنَّ مَعَ التَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ تَرْكِهِ.

(ثَانِيهَا) قَتْلُهُنَّ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُنَّ فِي الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كُنَّ فَلَا يُقْتَلْنَ إلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ ثَلَاثًا، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «إنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَأْذَنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا «إنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَتَعَوَّذُوا مِنْهُ فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ» وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى بُيُوتِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إلَى جِنْسِ الْبُيُوتِ.

(ثَالِثُهَا) اسْتِثْنَاءُ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ سَوَاءً كُنَّ بِالْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَاحِبِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ يُقْتَلُ مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ فَقَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ فَقُولُوا: أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمَانُ أَنْ لَا تُؤْذُونَا، فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ» فَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بُيُوتَ الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ عِنْدِي مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْعُمُومُ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>