للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

كَمَا يُقَالُ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْهُ.

(الرَّابِعُ) أَنَّ الْمُرَادَ بِوَضْعِ الرِّجْلِ نَوْعُ زَجْرٍ لَهَا كَمَا تَقُولُ جَعَلْته تَحْتَ رِجْلِي.

(الْخَامِسُ) أَنَّ الرِّجْلَ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ عَلَى سَبِيلِ الْجِدِّ وَالْإِلْحَاحِ كَمَا تَقُولُ: قَامَ فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ وَالْمَشْهُورُ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ وَفِيهَا التَّأْوِيلَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَأَشْهَرُ مِنْهَا تَأْوِيلٌ آخَرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ لَهَا مِنْ أَهْلِ الْعَذَابِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَةِ التَّأْوِيلِ وَهِيَ طَرِيقَةُ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَطَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ فِي تَأْوِيلِهَا بَلْ يُؤْمِنُ بِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ، وَلَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِهَا وَظَاهِرُهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ تَرْكَ التَّأْوِيلِ إنَّمَا هُوَ فِي الصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَأَمَّا الْوَارِدَةُ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي الْقُرْآنِ أَصْلٌ، فَإِنَّهَا تُؤَوَّلُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا حَدِيثَ تَحَاجِّ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ وَمِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

[فَائِدَة قَوْلُهُ تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ] ١

(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ: (تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تَمْيِيزًا يُدْرِكَانِ بِهِ فَتَحَاجَّتَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ التَّمْيِيزُ فِيهِمَا دَائِمًا.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُ هَذِهِ الْمُحَاجَّةِ (أَنَّهَا لِسَانُ مَقَالٍ) فَيَكُونُ خَزَنَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هُمْ الْقَائِلُونَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِيمَا شَاءَ مِنْ أَجْزَاءِ الْجَنَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَقْلًا فِي الْأَصْوَاتِ الْمُقَطَّعَةِ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا حَيًّا خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَلَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْجَمَادِيَّةِ حَيَاةً بِحَيْثُ يَصْدُرُ ذَلِكَ الْقَوْلُ عَنْهُ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: ٦٤] إنَّ كُلَّ مَا فِي الْجَنَّةِ حَيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (لِسَانَ حَالٍ) فَيَكُونُ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ حَالَتَيْهِمَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة قَوْلُهُ تَحَاجَّتْ أَيْ تَخَاصَمَتْ] ١

(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ (تَحَاجَّتْ) أَيْ (تَخَاصَمَتْ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ التَّحَاجُّ التَّخَاصُمُ، قَالَ فِي الْمُحْكَمِ حَاجَّهُ نَازَعَهُ الْحُجَّةَ، وَحَجَّهُ غَلَبَهُ عَلَى حُجَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} [غافر: ٤٧] الْمُحَاجَّةُ التَّحَاوُرُ بِالْحُجَّةِ وَالْخُصُومَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>