للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

«وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ نَفْثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرُّقْيَةِ فَقَالَتْ كَمَا يَنْفِثُ آكِلُ الزَّبِيبِ» قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْفِي الْيَسِيرُ مِنْ الرِّيقِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ نَافِثَ الزَّبِيبِ لَا بُزَاقَ مَعَهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَخْرُجُ عَلَيْهِ مِنْ بَلِّهِ وَلَا يَقْصِدُ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الَّذِي رَقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَجَعَلَ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة فِي فَائِدَةِ التُّفْلِ وَالرُّقَى]

(الْخَامِسَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَائِدَةُ التُّفْلِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ أَوْ الْهَوَاءِ أَوْ النَّفَسِ الْمُبَاشِرِ لِلرُّقْيَةِ وَالذِّكْرِ الْحَسَنِ وَالدُّعَاءِ وَالْكَلَامِ الطَّيِّبِ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنْ الذِّكْرِ وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى فِي النُّشُرِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّفَاؤُلِ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَلَمِ عَنْ الْمَرِيضِ وَانْفِصَالِهِ عَنْهُ كَانْفِصَالِ ذَلِكَ النَّفْثِ عَنْهُ فِي الرَّاقِي وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَنْفِثُ إذَا رَقَى نَفْسَهُ وَكَانَ يَكْرَهُ الرُّقْيَةَ بِالْحَدِيدَةِ وَالْمِلْحِ، وَاَلَّذِي يُعْقَدُ وَاَلَّذِي يَكْتُبُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ وَكَانَ الْعَقْدُ عِنْدَهُ أَشَدَّ كَرَاهَةٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُشَابَهَةِ السَّحَرَةِ كَأَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤] .

[فَائِدَة الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ] ١

(السَّادِسَةُ) إنْ قُلْت كَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ «فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ» (قُلْت) كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ وَفِعْلُهَا ذَلِكَ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْمَرَضِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ.

[فَائِدَة الِاسْتِرْقَاءِ لِلصَّحِيحِ] ١

(السَّابِعَةُ) وَقَوْلُهَا «فِي الْمَرَضِ» الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ لَمْ تُرِدْ بِهِ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِحَالَةِ الْمَرَضِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَفِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَأَفْضَلِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَنْسَخْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذُكِرَ فِي أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ كُلِّهَا أَنَّ الرُّقْيَةَ إنَّمَا جَاءَتْ بَعْدَ الشَّكْوَى وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فَحَكَى الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ الْقَوْلَ بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ بِجَوَازِ الِاسْتِرْقَاءِ لِلصَّحِيحِ لِمَا يَخَافُ أَنْ يَغْشَاهُ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْهَوَامِّ وَدَلِيلُهُ أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>