للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ أَنْ يَقُولَ لَهُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ

ــ

[طرح التثريب]

التَّأْوِيلُ، وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ مَعَ الْإِيمَانِ بِهَا وَاعْتِقَادِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا غَيْرُ مُرَادٍ فَعَلَى قَوْلِ الْمُتَأَوِّلِينَ يَتَأَوَّلُونَ الْأَصَابِعَ هُنَا عَلَى الِاقْتِدَارِ، وَالنَّاسُ يَذْكُرُونَ الْأُصْبُعَ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالِاحْتِقَارِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ بِأُصْبُعِي أَقْتُلُ زَيْدًا أَيْ لَا كُلْفَةً عَلَيَّ فِي قَتْلِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ يَدَ الْجَارِحَةِ مُسْتَحِيلَةٌ، ثُمَّ قَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَّقَ الْخَبَرَ فِي قَوْلِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسَ ضَحِكُهُ وَتَعَجُّبُهُ وَتِلَاوَتُهُ الْآيَةَ تَصْدِيقًا لَهُ بَلْ هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَإِنْكَارٌ وَتَعَجُّبٌ مِنْ سُوءِ اعْتِقَادِهِ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْيَهُودِ التَّجْسِيمُ فَفَهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ (تَصْدِيقًا لَهُ) إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَلَى مَا فَهِمَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى.

(الثَّالِثَةُ) الثَّرَى بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ مَقْصُورٌ التُّرَابُ النَّدِيُّ قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَمُرَادُهُمْ الَّذِي نَدَاوَتُهُ أَصْلِيَّةٌ لِتَسَفُّلِهِ وَكَوْنِهِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا حَكَاه فِي الصِّحَاحِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْتَقَى الثَّرَيَانِ أَيْ جَاءَ الْمَطَرُ فَرَسَخَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْتَقَى هُوَ وَنَدَى الْأَرْضِ، وَفِي جَعْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الثَّرَى مُفْرَدًا عَنْ الْأَرْضِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَةُ) النَّوَاجِذُ بِالنُّونِ، وَالْجِيمِ، وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ نَاجِذٍ، وَهُوَ آخَرُ الْأَضْرَاسِ وَلِلْإِنْسَانِ أَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ فِي أَقْصَى الْأَسْنَانِ بَعْدَ الْأَرْجَاءِ وَيُسَمَّى ضِرْسُ الْحُلُمِ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ يُقَالُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ إذَا اسْتَغْرَقَ فِيهِ.

(الْخَامِسَةُ) ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ هِيَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ هَذَا الْكَلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيث إنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ]

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ أَنْ يَقُولَ لَهُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ هَلْ تَمَنَّيْت؟ فَيَقُولُ نَعَمْ، فَيَقُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>