للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

/ وَذَلِكَ بِحَسَبِ الْفَضْلِ وَتَفَاوُتِ الدَّرَجَاتِ فَمَنْ كَانَ أَفْضَلُ كَانَ إلَى الْجَنَّةِ أَسْبِقُ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «آتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ بِك أُمِرْت أَنْ لَا أُفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَك» .

[فَائِدَة مَعْنَى كونهم عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ وصفة أَهْل الْجَنَّة] ١

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ أَيْ عَلَى صِفَتِهِ أَيْ إنَّهُمْ فِي إشْرَاقِ وُجُوهِهِمْ عَلَى صِفَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ وَهِيَ لَيْلَةُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ وَبِذَلِكَ سُمِّيَ الْقَمَرُ بَدْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يَقْتَضِي مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا «لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ فَبَدَا أَسَاوِرَهُ لَطَمَسَ ضَوْءَ الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ» .

(الْخَامِسَةُ) اقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ذِكْرِ صِفَةِ الزُّمْرَةِ الْأُولَى وَبَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الثَّانِيَةَ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءَةً، وَفِي الدُّرِّيِّ ثَلَاثُ لُغَاتٍ قُرِئَ بِهِنَّ فِي السَّبْعِ (الْأَكْثَرُونَ) دُرِّيٌّ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَالْيَاءِ بِلَا هَمْزٍ (وَالثَّانِيَةُ) بِضَمِّ الدَّالِ مَهْمُوزٌ مَمْدُودٍ (وَالثَّالِثَةُ) بِكَسْرِ الدَّالِ مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ، وَهُوَ الْكَوْكَبُ الْعَظِيمُ قِيلَ سُمِّيَ دُرِّيًّا لِبَيَاضِهِ كَالدُّرِّ وَقِيلَ لِإِضَاءَتِهِ وَقِيلَ لِشَبَهِهِ بِالدُّرِّ فِي كَوْنِهِ أَرْفَعَ مِنْ بَاقِي النُّجُومِ كَالدُّرِّ أَرْفَعُ الْجَوَاهِرِ وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ [أَيْ] إنَّ دَرَجَاتِهِمْ فِي إشْرَاقِ اللَّوْنِ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ عُلُوِّ دَرَجَاتِهِمْ وَتَفَاوُتِ فَضْلِهِمْ.

(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ «لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا» هِيَ صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُطْلَقًا وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالزُّمْرَةِ الْأُولَى، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَيَّنَ فِيهَا صِفَةَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَأَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ الْمَنَازِلِ.

[فَائِدَة قَوْلُهُ آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ] ١

(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ النَّوْعَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لِبَعْضِهِمْ الذَّهَبَ وَلِبَعْضِهِمْ الْفِضَّةَ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةِ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا» .

(الثَّامِنَةُ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ قَدْ يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ فِي الْجَنَّةِ لِلْأَمْشَاطِ لَا تَتَلَبَّدُ شُعُورُهُمْ وَلَا تَنْسَحُّ وَأَيُّ حَاجَةٍ لِلْبَخُورِ وَرِيحُهُمْ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَكِسْوَتُهُمْ لَيْسَ عَنْ دَفْعِ أَلَمٍ اعْتَرَاهُمْ فَلَيْسَ أَكْلُهُمْ عَنْ جُوعِ وَلَا شُرْبُهُمْ عَنْ ظَمَأٍ وَلَا تَطْيِيبُهُمْ عَنْ نَتِنٍ وَإِنَّمَا هِيَ لَذَّاتٌ مُتَوَالِيَةٌ، وَنِعَمٌ مُتَتَابِعَةٌ، وَحِكْمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>