للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَم مِمَّا

ــ

[طرح التثريب]

«وَاَللَّهِ إنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً» إنْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الثَّقِيلَةِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ بَيْن وَهَذِهِ اللَّامُ هِيَ الْمُفَرِّقَةُ بَيْنَ إنْ النَّافِيَةِ، وَالْمُخَفَّفَةِ مِنْ الثَّقِيلَةِ وَهِيَ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِمَعْنَى مَا، وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَّا، تَقْدِيرُهُ عِنْدَهُمْ مَا كَانَتْ إلَّا كَافِيَةً وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ إنَّهَا كَانَتْ كَافِيَةً فَأَجَابَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِأَنَّهَا كَمَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا فِي الْمِقْدَارِ، وَالْعَدَدِ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ ضِعْفًا» انْتَهَى.

(قُلْت) كَذَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الْمُفْهِمِ عَلَيْهَا خَطَّ الْمُصَنِّفُ وَتِسْعِينَ وَصَوَابُهُ وَسِتِّينَ فَهُوَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ وَلَعَلَّ التِّسْعِينَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ نَاسِخٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ، وَالْعَدَدِ وَثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرِّ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا وَثَانِيًا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرِّ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ وَلَا يَضُرُّ تَأْكِيدُ الْكَلَامِ وَتَكْرِيرُهُ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا ذَكَرَ تَفْضِيلَ جَهَنَّمَ فِي الْحَرِّ بِهَذِهِ الْأَجْزَاءِ وَقَالَ الصَّحَابَةُ إنَّ حَرَّ نَارِ الدُّنْيَا كَانَ كَافِيًا فِي الْعُقُوبَةِ، وَالِانْتِقَامِ أَكَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَخْبَرَ بِهِ أَوَّلًا بَعْدَ سُؤَالِ الصَّحَابَةِ وَقَالَ إنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِهَذَا الْقَدْرِ فِي الْحَرِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثَةُ) الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ هَذِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْقَرِيبِ لِحُضُورِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّقْلِيلِ، وَالِاحْتِقَارِ وَقَوْلُهُ «مَا يُوقِدُ بَنُو آدَمَ» ) تَابِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ بَدَلًا، أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ.

(الرَّابِعَةُ) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَرْجِيحُ جَانِبِ الرَّحْمَةِ لِأَنَّ النَّارَ الَّتِي هِيَ النِّقْمَةُ الْمُعَدَّةُ لِأَهْلِ الْمُخَالِفَةِ مُقَدَّرَةٌ قَدْ عَرَفَ نِسْبَةَ زِيَادَتِهَا عَلَى نَارِ الدُّنْيَا بِخِلَافِ الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ النِّعْمَةُ الْمُعَدَّةُ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ لَا تَقْدِيرَ لَهَا وَلَا نِسْبَةَ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَنْحَصِرْ فِي قَدْرٍ مَخْصُوصٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيث خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ]

الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَم مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>