للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لِلْكَفَّيْنِ وَضَرْبَةٍ لِلذِّرَاعِ.

وَتَفَرَّدَ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا بِاشْتِرَاطِ بُلُوغِ الْمَنْكِبَيْنِ بِالْمَسْحِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ عَمَّارٍ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَسْحُ مَا وَرَاءَ الْمِرْفَقَيْنِ وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ الْكَفَّيْنِ فَقَطْ وَأَنَّ مَا زَادَ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ سُنَّةٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْيَدَيْنِ مَسْحُ الْكَفَّيْنِ فَقَطْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَدَاوُد وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

وَهُوَ أَثْبَتُ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ وَحَدِيثِ عَمَّارٍ فِي الضَّرْبَتَيْنِ كَانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حِينَ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّيَمُّمِ فَأَمَرَنِي ضَرْبَةً وَاحِدَةً فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» .

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَسُؤَالُهُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقِصَّةِ عَمَّارٍ فِي تَمَعُّكِهِ فِي التُّرَابِ حِينَ أَجْنَبَ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْفِيك التَّيَمُّمُ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَكُلُّ مَا يُرْوَى فِي هَذَا عَنْ عَمَّارٍ فَمُضْطَرِبٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَكِنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى وُجُوبِ دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِسْمَاعِيلِ الْقَاضِي وَشَذَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حُيَيِّ فِي اشْتِرَاطِهِمَا أَنْ يَمْسَحَ بِكُلٍّ مِنْ الضَّرْبَتَيْنِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ، وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى بُلُوغِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَيَمَّمَ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» . وَرَفَعَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَتَعَارَضَتْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعَ إلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ؛ لِلْوَجْهِ ضَرْبَةٌ وَلِلْيَدَيْنِ أُخْرَى إلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَاتِّبَاعًا لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَا يُدْفَعُ عِلْمُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَوْ ثَبَتَ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ لَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَمِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ نَصَّ عَلَى حُكْمِ الْوُضُوءِ وَهَيْئَتِهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ أَخْبَرَ بِحُكْمِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَقَالَ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦] .

وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ غَيْرُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الضَّرْبَةُ فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ غَيْرُ الضَّرْبَةِ لِلْيَدَيْنِ قِيَاسًا إلَّا أَنْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ ذَلِكَ فَيَسْلَمُ لَهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْبُلُوغُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[فَائِدَةٌ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ]

(التَّاسِعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>