للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ» فَجَعَلَهَا فِي حَدِيثٍ سِتًّا وَفِي آخَرَ خَمْسًا وَفِي آخَرَ ثَلَاثًا وَأَطْلَقَ فِي آخَرَ وَسَمَّى فِيهِ مَا لَيْسَ مُسَمًّى فِيمَا ذَكَرَ أَعْدَادَهُ.

وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ ذِكْرَ الْأَعْدَادِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ فِي وَقْتٍ بِالثَّلَاثِ وَفِي وَقْتٍ بِالْخَمْسِ وَفِي وَقْتٍ بِالسِّتِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

فَحَصَلَ مَنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ إحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً تَقَدَّمَ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَهِيَ إعْطَاؤُهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنَصْرُهُ بِالرُّعْبِ وَإِحْلَالُ الْغَنَائِمِ وَجَعْلُ الْأَرْضِ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَإِرْسَالُهُ إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخَتْمُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ وَجَعْلُ صُفُوفِ أُمَّتِهِ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَإِعْطَاؤُهُ الشَّفَاعَةَ وَتَسْمِيَتُهُ بِأَحْمَدَ وَجَعْلُ أُمَّتِهِ خَيْرَ الْأُمَمِ، وَالْحَادِيَةَ عَشَرَ إيتَاؤُهُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَسِيَاتِي فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي تَلِيهَا.

[فَائِدَةٌ جَعْل الْأَرْضِ لَهُ مَسْجِدًا وَجَعْلَهَا طَهُورًا اخْتِصَاص بِهَذِهِ الْأَمَة] ١

{الثَّانِيَةَ عَشَرَ} دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ جَعْلَ الْأَرْضِ لَهُ مَسْجِدًا وَجَعْلَهَا طَهُورًا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَدَلَّ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّهُمَا خَصْلَتَانِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَإِنَّهُ وَإِنْ فَضَّلَهَا وَسَمَّاهَا وَاقْتَضَى كَوْنَ هَاتَيْنِ خَصْلَتَيْنِ فَإِنَّ مُسْلِمًا قَالَ فِي حَدِيثٍ آخِرَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا خَصْلَتَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ الثَّالِثَةَ.

وَقَدْ سَمَّاهَا النَّسَائِيّ فِي رِوَايَتِهِ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى فَقَالَ وَأُوتِيت هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ خَوَاتِمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَلَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يُعْطَاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدِي، وَكَذَا سَمَّاهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فَقَالَ: وَأُعْطِيت هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْهُ قَبْلِي وَلَا يُعْطَى مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدِي.

{الثَّالِثَةَ عَشَرَ} فِي بَيَانِ الْخَصَائِصِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمَّا جَوَامِعُ الْكَلِمِ فَهُوَ جَمْعُ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ كَلَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ.

وَأَمَّا النَّصْرُ بِالرُّعْبِ فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يَقْذِفُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِهِ لِتَخْذِيلِهِمْ وَوَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ الرُّعْبُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَهْرًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَوَجَّهَ إلَى وَجْهٍ مِنْ الْأَرْضِ أَلْقَى اللَّهُ الرُّعْبَ عَلَى مَنْ أَمَامَهُ إلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ.

وَأَمَّا إحْلَالُ الْغَنَائِمِ فَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ جَعْلُ الْأَرْضِ طَهُورًا وَمَسْجِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>