للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِيمَا قِيلَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] أَيْ بِالْهَوَى وَمِنْ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٩] وَتُسَمَّى هَذِهِ بَاءَ الْمُجَاوَزَةِ. ثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَيْ أَبْرِدُوا الصَّلَاةَ يُقَالُ: أَبْرَدَ الرَّجُلُ كَذَا إذَا فَعَلَهُ فِي بَرْدِ النَّهَارِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ جَعَلَ عَنْ تَأْتِي زَائِدَةً قَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ تُزَادَ لِلتَّعْوِيضِ مِنْ أُخْرَى مَحْذُوفَةٍ وَمَثَّلُوهُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

أَتَجْزَعُ إنْ نَفْسٌ أَتَاهَا حِمَامُهَا ... فَهَلَّا الَّتِي عَنْ بَيْنِ جَنْبَيْك تَدْفَعُ

قَالَ أَبُو الْفَتْحِ أَرَادَ تَدْفَعُ عَنْ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْك فَحُذِفَتْ عَنْ مِنْ أَوَّلِ الْمَوْصُولِ وَزِيدَتْ بَعْدَهُ.

(ثَالِثُهَا) تَضْمِينُ أَبْرِدُوا مَعْنَى أَخِّرُوا وَحَذْفُ مَفْعُولِهِ تَقْدِيرُهُ أَخِّرُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: مَعْنَى قَوْلِهِ أَبْرِدُوا أَخِّرُوا إلَى زَمَانِ الْبَرْدِ وَلَا يَنْتَظِمُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ، فَإِنَّ صُورَتَهُ أَخِّرُوا عَنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِإِضْمَارٍ وَتَقْدِيرُهُ أَخِّرُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: مَعْنَى قَوْلِهِ أَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ تَأَخَّرُوا عَنْهَا مُبَرِّدِينَ (قُلْت) أَيْ دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ انْتَهَى.

وَهُوَ مِثْلُ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَلَا إنَّهُ ضَمَّنَ أَبْرِدُوا مَعْنَى فِعْلٍ قَاصِرٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَفْعُولٍ وَهُوَ تَأَخَّرُوا.

(السَّابِعَةُ) وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَبْرِدُوا عَنْ الْحَرِّ أَيْ أَخِّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ الْحَرِّ إلَى الْبَرْدِ وَقَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ ذَلِكَ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ الْمَحْذُوفُ فِعْلُكُمْ أَيْ أَخِّرُوا عَنْ الْحَرِّ فِعْلَكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: بَصِيرُونَ فِي طَعْنِ الْأَبَاهِرِ، وَالْكُلَى.

[فَائِدَةٌ النَّارَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ مَوْجُودَةٌ]

(الثَّامِنَةُ) فَيْحُ جَهَنَّمَ وَفَوْحُهَا بِالْيَاءِ، وَالْوَاوِ مَعَ فَتْحِ الْأَوَّلِ فِيهِمَا وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ سُطُوعُ حَرِّهَا وَانْتِشَارُهُ يُقَالُ فَاحَتْ الْقِدْرُ تَفِيحُ وَتَفُوحُ إذَا غَلَتْ، وَجَهَنَّمُ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِلْعَلَمِيَّةِ، وَالتَّأْنِيثِ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ هَلْ هِيَ عَرَبِيَّةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِ قَعْرِهَا وَمِنْهُ رَكِيَّةُ جِهْنَامٍ أَيْ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ أَوْ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ تَعْرِيبُ كَهِنَامٍ بِالْعِبْرَانِيِّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ فَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَقَالُوا: إنَّ وَهَجَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>