للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي طَرِيقٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَفَرٍ

ــ

[طرح التثريب]

فِي الْمَطْلَبِ عَنْ بَعْضِهِمْ (قُلْت) : وَيَنْبَغِي بِنَاءُ هَذَا عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ مَشْرُوعٌ لِلْوَقْتِ أَوْ لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا لِلْوَقْتِ أَذَّنَ، وَإِنْ قُلْنَا لِلصَّلَاةِ فَلَا، وَقَدْ بَنَى أَصْحَابُنَا عَلَى هَذَا الْخِلَافَ فِي الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ فَالْجَدِيدُ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا، وَالْقَدِيمُ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا، وَنَصُّ الْإِمْلَاءِ إنْ رَجَا اجْتِمَاعَ طَائِفَةٍ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَذَّنَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَذَانُ فِي الْجَدِيدِ حَقُّ الْوَقْتِ وَفِي الْقَدِيمِ حَقُّ الْفَرِيضَةِ، وَفِي الْإِمْلَاءِ حَقُّ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ إمَّا بِحَمْلِ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَذَّنَ عَلَى مَعْنَى أَرَادَ الْأَذَانَ كَمَا فَسَّرَتْهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِمَّا بِحَمْلِ الْأَذَانِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْإِقَامَةِ فَقَوْلُهُ: فَأَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ أَيْ يُقِيمَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ: أَبْرِدْ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى.

وَكَذَا حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ حَمَلَ تَأْخِيرَ الْأَذَانِ هُنَا عَلَى الْإِقَامَةِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَذَّنَ أَوَّلًا أَوْ لَمْ يُعْتَدَّ بِأَذَانِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ] ١

(الثَّانِيَةَ عَشَرَ) اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَتِهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالْجُمْهُورِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا أَذَانَ عَلَى مُسَافِرٍ إنَّمَا الْأَذَانُ عَلَى مَنْ يَجْتَمِعُ إلَيْهِ لِتَأْذِينِهِ وَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُ يُقِيمُ الْمُسَافِرُ وَلَا يُؤَذِّنُ مِنْهُمْ مَكْحُولٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُرْوَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ إنْ شَاءَ أَذَّنَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ إلَّا فِي الصُّبْحِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: إذَا كُنْت فِي سَفَرٍ فَلَمْ تُؤَذِّنْ وَلَمْ تُقِمْ فَأَعِدْ الصَّلَاةَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ إذَا نَسِيَ الْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ أَعَادَ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، وَالْحُجَّةُ لَهُمَا «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرَّجُلَيْنِ: أَذِّنَا وَأَقِيمَا» قَالَا: وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ، وَالْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>