للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ؟ فَأَشَارَ إلَى مَكَان مِنْ الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ رَخَّصَ لِعِتْبَانَ فِي ذَلِكَ التَّرْخِيصُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ عَلَّلَ أَيْضًا بِكَوْنِهِ ضَرِيرَ الْبَصَرِ فَلَعَلَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) ضَجْنَانُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَبِنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي ذَيْلِهِ عَلَى كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ لِلْهَرَوِيِّ: إنَّهُ مَوْضِعٌ أَوْ جَبَلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

[فَائِدَةٌ هَلْ يُفَرَّق بَيْن الْجُمُعَةَ وَسَائِر الجماعات فِي الْأَعْذَار]

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ أَنَّ الْأَعْذَارَ الْمَذْكُورَةَ رُخْصَةٌ فِي مُطْلَقِ الْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ «فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ» وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا فِي أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إلَّا مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ عَنْ أَئِمَّةِ طَبَرِسْتَانَ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا أَنَّ الْوَحَلَ الشَّدِيدَ عُذْرٌ فِي الْجَمَاعَةِ دُونَ الْجُمُعَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عُذْرٌ فِيهِمَا مَعًا، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مَحْجُوجٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رَدَغٍ الْحَدِيثَ. فِي أَمْرِهِ مُؤَذِّنَهُ أَنْ يَقُولَ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَالرَّدَغُ وَالرَّزَغُ الطِّينُ وَقَالَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ: إنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْت أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحَضِ.

(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَالِكٍ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَطَرَ وَالْوَحْلَ لَيْسَا بِعُذْرٍ فِي الْجُمُعَةِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أَنَّ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ وَالْوَحْلَ عُذْرٌ فِيهَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إنَّ الْمَطَرَ الْوَابِلَ عُذْرٌ، وَقَيَّدَ أَصْحَابُنَا الْوَحَلَ بِالشَّدِيدِ وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ الْمَطَرَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِالشَّدِيدِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ أَذًى وَقَدْ أُطْلِقَ الْمَطَرُ وَالرَّدَغُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ كَرِهْت أَنْ أَؤُمَّكُمْ فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إلَى رُكَبِكُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ الْوَحَلِ وَالْمَطَرِ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَطَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ وَيُسْتَدَلُّ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْمَطَرَ فِي عُذْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ «شَهِدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>