للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَاجِبٍ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» يَتَنَاوَلُ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ أَيْضًا وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَطْعًا.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُ الْمَأْمُومِ رَبّنَا لَك الْحَمْدُ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَهُمَا غَيْرُ وَاجِبَيْنِ ثُمَّ لَوْ كَانَتْ جَمِيعُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَاجِبَةً لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ وَاجِبٌ لِضَعْفِ دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

[فَائِدَة أَفْعَالَ الْمَأْمُومِ تَكُونُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ] ١

(الْخَامِسَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْمَأْمُومِ تَكُونُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّكْبِيرِ وَيَرْكَعُ بَعْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ وَقَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَفْعَالِ وَبِهَذَا صَرَّحَ أَصْحَابُنَا فَقَالُوا إنْ قَارَنَهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَفِي الْمُقَارَنَةِ فِي السَّلَامِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَكُونُ عَمَلُ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ مَعًا أَوْ بَعْدَهُ؟

فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مَالِكٌ وَيَفْعَلُ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا فِي الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَالسَّلَامِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا بَعْدُهُ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ أَحْرَمَ مَعَهُ أَجْزَأَهُ وَبَعْدَهُ أَصْوَبُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَحْرَمَ مَعَهُ أَوْ سَلَّمَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالْعَمَلُ بَعْدَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ يُكَبِّرُ فِي الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُكَبِّرُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّكْبِيرِ وَتَوْجِيهُ قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ تَكْبِيرَهُ مَعَهُ أَنَّ الِائْتِمَامَ مَعْنَاهُ الِامْتِثَالُ لِفِعْلِ الْإِمَامِ فَهُوَ إذَا فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ فَسَوَاءٌ أَوْقَعَهُ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ حَصَلَ مُمْتَثِلًا لِفِعْلِهِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مَتَى فَارَقَ الْإِمَامَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَفْعَالِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.

وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الْحَدِيثِ عَلَى تَأَخُّرِ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ أَنَّهُ رَتَّبَ فِعْلَهُ عَلَى فِعْلِ الْإِمَامِ بِالْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ كَذَا ذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.

وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْفَاءَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلتَّعْقِيبِ هِيَ الْعَاطِفَةُ أَمَّا الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ فَإِنَّمَا هِيَ لِلرَّبْطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى التَّعْقِيبِ عَلَى أَنَّ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى التَّعْقِيبِ مَذْهَبَيْنِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ وَلَعَلَّ أَصْلَهَا أَنَّ الشَّرْطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>