للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَرِيضٌ فَقَالَ إذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» وَتَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ إمَامًا اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ وَهُوَ جَالِسٌ وَهُمْ جُلُوسٌ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ جَالِسًا لَا تَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِتَرْكِ الْإِمَامَةِ عَنْ قُعُودٍ فَأَضْعَفُ فَإِنَّ تَرْكَ الشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَعَلَّهُمْ اكْتَفَوْا بِالِاسْتِنَابَةِ لِلْقَادِرِينَ وَإِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ حَصَلَ عَلَى أَنَّ إمَامَةَ الْقَاعِدِ لِلْقَائِمِ مَرْجُوحَةٌ وَأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهَا فَذَلِكَ كَافٍ فِي بَيَانِ سَبَبِ تَرْكِهِمْ الْإِمَامَةَ مِنْ قُعُودٍ. وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ نَهْيِهِ عَنْ إمَامَةِ الْقَاعِدِ بَعْدَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ التَّرْكِ لِلْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ.

[فَائِدَة شُرُوطُ إمَامَةِ الْقَاعِدِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ] ١

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْحَنَابِلَةُ لَا يَؤُمُّ الْقَاعِدُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ إمَامَ الْحَيِّ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَقَالَ ذَلِكَ لِإِمَامِ الْحَيِّ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِمْ إلَى تَقْدِيمِ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ فَلَا يُحْتَمَلُ إسْقَاطُ رُكْنٍ فِي الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ.

(الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مَرَضُهُ يُرْجَى زَوَالُهُ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الزَّمِنِ وَمَنْ لَا تُرْجَى قُدْرَتُهُ عَلَى الْقِيَامِ رَاتِبًا يُفْضِي بِهِمْ إلَى تَرْكِ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَامِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا يَقُولُ بِجُلُوسِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ بِشُرُوطٍ:

(أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِهِمْ جَالِسًا (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا (وَالثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ مَرَضُهُ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ عَنْهُ بِجُلُوسِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ وَقَدْ تَلَخَّصَ فِي اقْتِدَاءِ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْعَاجِزِ عَنْهُ مَذَاهِبُ:

(أَحَدُهَا) أَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ أَصْلًا وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ قَائِمًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ.

(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ جَالِسًا وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ.

وَ (الرَّابِعُ) أَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ جَالِسًا إلَّا فِي حَقِّ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ.

وَ (الْخَامِسُ) أَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ جَالِسًا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>