للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَجْعَلُهَا مَلَكَةً لَهَا انْتَهَى.

[فَائِدَة الْمُرَادِ بِفِتْنَةِ الْمَوْتِ] ١

(الْخَامِسَةُ) الْمَحْيَا مَفْعَلُ مِنْ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ مَفْعَلُ مِنْ الْمَوْتِ وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِفِتْنَةِ الْمَوْتِ فَقِيلَ فِتْنَةُ الْقَبْرِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفِتْنَةُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ قَالَ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ فَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ فِتْنَةُ الْمَحْيَا مَا يَتَعَرَّضُ لَهُ الْإِنْسَانُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنْ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ وَأَشَدُّهَا وَأَعْظَمُهَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أُضِيفَتْ إلَى الْمَوْتِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ وَتَكُونُ فِتْنَةُ الْمَحْيَا عَلَى هَذَا مَا يَقَعُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ وَتَصَرُّفِهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ أُعْطِيَ حُكْمَهُ فَحَالَةُ الْمَوْتِ تُشْبِهُ الْمَوْتَ وَلَا تُعَدُّ مِنْ الدُّنْيَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَمَاتِ فِتْنَةُ الْقَبْرِ كَمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِتْنَةِ الْقَبْرِ كَمَثَلٍ أَوْ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قُلْت الْمَعْرُوفُ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا يَكُونُ هَذَا مُتَكَرِّرًا مَعَ قَوْلِهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْعَذَابَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْفِتْنَةِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبِّبِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَقْصُودَ زَوَالُ عَذَابِ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ نَفْسَهَا أَمْرٌ عَظِيمٌ وَهُوَ شَدِيدٌ يُسْتَعَاذُ بِاَللَّهِ مِنْ سُوئِهِ انْتَهَى قُلْت هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِتْنَةِ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَأَمَّا إنْ حُمِلَتْ الْفِتْنَةُ عَلَى الْعَذَابِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠] أَيْ عَذَّبُوهُمْ فَتَتَّحِدُ فِتْنَةُ الْقَبْرِ مَعَ عَذَابِ الْقَبْرِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْفِتْنَةِ عَلَى الِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ لِيَحْصُلَ التَّغَايُرُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا هُوَ أَصْلُ مَدْلُولِ الْفِتْنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَةُ) الْمَشْهُورُ فِي لَفْظِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِهَا وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ كَالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا أَنَّهُ مَسِيحُ الْهُدَى وَذَاكَ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ سُمِّيَ بِهِ لِمَسْحِ إحْدَى عَيْنَيْهِ فَيَكُونُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ فَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَقِيلَ التَّمَسُّحُ وَالتِّمْسَاحُ الْمَارِدُ الْخَبِيثُ فَقَدْ يَكُونُ فَعِيلًا مِنْ هَذَا وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي نَوَادِرِهِ التَّمَسُّحُ وَالْمُمَسَّحُ الْكَذَّابُ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا أَيْضًا وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>