للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَلَمْ أَرَ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْا عَنْ صَاحِبِيهِ إلَّا مَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ مُوَافَقَةَ صَاحِبِيهِ لَهُ عَلَى مَنْعِ الْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة إذَا بَلَغَ الْخَطِيبُ إلَى الدُّعَاءِ هَلْ يُشْرَعُ الْكَلَامُ]

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) سَوَّى الشَّافِعِيَّةُ وَالْجُمْهُورُ فِي حَالَةِ الْخُطْبَةِ بَيْنَ الذِّكْرِ وَالْوَعْظِ وَالدُّعَاءِ وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي حَالَةِ الدُّعَاءِ فَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ إذَا بَلَغَ الْخَطِيبُ إلَى الدُّعَاءِ فَهَلْ يُشْرَعُ الْكَلَامُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَشَرَعَ فِي غَيْرِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْخُطْبَةِ فَيَثْبُتُ لَهُ مَا يَثْبُتُ لَهَا كَالتَّطْوِيلِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ دُعَاءً مَشْرُوعًا كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلِلْإِمَامِ الْعَادِلِ أَنْصَتَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْإِنْصَاتُ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ قُدَامَةَ وَقَوْلُهُ فِي تَوْجِيهِ الْجَوَازِ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ فِيهَا وَالْحَدِيثُ مُتَنَاوِلٌ لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة حُكْمُ الْكَلَامِ لِلدَّاخِلِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ] ١

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اسْتَثْنَى أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ أَوْ كَرَاهِيَةَ الدَّاخِلِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ فَقَالُوا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ مَكَانًا وَالْقَوْلَانِ فِيمَا بَعْدَ قُعُودِهِ وَهُمْ مُطَالَبُونَ بِالدَّلِيلِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَنَاوَلَهَا وَالْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَى مَنْعَ الْكَلَامِ وَهُوَ تَفْوِيتُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ وَسَامِعِهِ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَهِيَ كَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) قَالَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْ الْكَلَامِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ فِي الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَأَمَّا إذَا رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا يَدِبُّ إلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ فَهَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُهُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ لَكِنْ قَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ وَلَا يَتَكَلَّمَ مَا أَمْكَنَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ فَإِنَّ الصُّورَةَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ تَعَلَّقَ بِهَا غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَإِنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ تَعَاطَاهُ الْمُتَكَلِّمُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِكَلِمَةٍ خَفِيفَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَحَكَمَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنَّهُ لَغْوٌ وَقَدْ فَصَّلَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ فَجَوَّزُوا إنْذَارَ الْأَعْمَى وَمَنْ قَصَدَتْهُ حَيَّةٌ أَوْ خُشِيَ عَلَيْهِ حَرِيقٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ هَذَا يَجُوزُ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>