للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[طرح التثريب]

لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا لَيْسَ لَهُ مَوْضِعُ رَفْعٍ قُلْت: وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ الْمَرَضُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ فَالْعَطْفُ عَلَيْهِ سَائِغٌ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى تَقْدِيرِ خَبَرٍ فَهَذَا الْوَجْهُ إنْ جَازَ فَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَمَا ذَكَرْته رَاجِحٌ أَوْ مُتَعَيِّنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(التَّاسِعَةُ) النَّكْبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ الْقَاضِي، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ مِثْلُ الْعَثْرَةِ يَعْثُرُهَا بِرِجْلِهِ، وَرُبَّمَا جُرِحَتْ أُصْبُعُهُ، وَأَصْلُهُ مِنْ النَّكْبِ، وَهُوَ الْقَلْبُ وَالْكَبُّ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ هِيَ الْعَثْرَةُ وَالسَّقْطَةُ، وَقَوْلُهُ يُنْكَبُهَا بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفَتْحِ الْكَافِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ قُلْت، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّكْبَةِ هُنَا الْمُصِيبَةُ، وَهُوَ مَعْنَاهَا الْمَشْهُورُ فَيَكُونُ قَدْ ذَكَرَ أَمْرًا حِسِّيًّا، وَهُوَ الشَّوْكَةُ، وَأَمْرًا مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ الْمُصِيبَةُ لَكِنَّ النَّكْبَةَ بِمَعْنَى الْمُصِيبَةِ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ الْمَرَضُ، وَالْوَجَعُ وَشَرْطُ الْمَعْطُوفِ بِحَتَّى أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا سَبَقَ، وَلِهَذَا ضُبِطَ الْعَطْفُ بِهَا بِأَنَّهَا تَدْخُلُ حَيْثُ يَصِحُّ دُخُولُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَجَعُ عَلَى الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ فَيَدْخُلَ فِيهِ النَّكْبَةُ لَكِنْ يَبْقَى فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِحَتَّى لَا يَكُونُ إلَّا غَايَةً لِمَا قَبْلَهَا إمَّا فِي زِيَادَةٍ نَحْوُ مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ أَوْ فِي نَقْصٍ نَحْوُ زَارَكَ النَّاسُ حَتَّى الْحَجَّامُونَ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ هُنَا أَنْ تَكُونَ غَايَةً فِي النَّقْصِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَجَعَ وَإِنْ خَفَّ وَهَانَ أَمْرُهُ مُكَفِّرٌ، وَمَتَى حُمِلَ الْوَجَعُ عَلَى مَدْلُولِهِ الْمَعْنَوِيِّ لَمْ تَكُنْ النَّكْبَةُ بِمَعْنَى الْمُصِيبَةِ غَايَةً لَهُ فِي النَّقْصِ فَظَهَرَ بِذَلِكَ حَمْلُ النَّكْبَةِ عَلَى الْعَثْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالشَّوْكَةُ وَالْعَثْرَةُ غَايَتَانِ لِلْوَجَعِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَنْشَأُ عَنْهُمَا مَرَضٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْعَاشِرَةُ) فِيهِ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَلَّ أَنْ يَنْفَكَّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ مَرَضٍ أَوْ وَجَعٍ، وَإِنْ خَفَّ فِي غَالِبِ أَوْقَاتِهِ.

[حَدِيث لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ]

(الْحَدِيثُ الثَّانِي) عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بَلَغَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>