للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[طرح التثريب]

وَالْبَسْطُ، وَقَالَ فَكَأَنَّهُ أَفْهَمَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ قُدْرَتُهُ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا الْمُخْتَلِفَاتِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِينَا لَا يَتَمَكَّنُ إلَّا بِيَدَيْنِ عَبَّرَ عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ لِيُفْهِمَهُمْ الْمَعْنَى الْمُرَادَ بِمَا اعْتَادُوهُ مِنْ الْخِطَابِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَاعْتَرَضَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ لَفْظَةُ الْبَسْطِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلُهُ الْقَبْضُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ (قُلْت) وَكَذَا لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَا غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَقَدْ يَكُونُ الْقَبْضُ وَالْبَسْطُ الْمَذْكُورَانِ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْتِيرِ الرِّزْقِ وَسَعَتِهِ أَوْ قَبْضِ الْأَرْوَاحِ بِالْمَوْتِ وَبَسْطِهَا فِي الْأَجْسَادِ بِالْحَيَاةِ أَوْ قَبْضِ الْقُلُوبِ بِتَضْيِيقِهَا وَإِيحَاشِهَا عَنْ الْهِدَايَةِ أَوْ بِالْخَوْفِ وَالْهَيْبَةِ وَبَسْطِهَا بِتَأْنِيسِهَا وَشَرْحِهَا لِلْهِدَايَةِ وَالْإِيمَانِ أَوَبِالرَّجَاءِ وَالْأُنْسِ، وَقَدْ قِيلَ مَعَانِي هَذَا كُلِّهِ فِي تَفْسِيرِ اسْمَيْهِ تَعَالَى الْقَابِضُ وَالْبَاسِطُ انْتَهَى.

{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَدْ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ الرِّزْقِ وَمَقَادِيرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ جُمْلَةِ الْمَقَادِيرِ انْتَهَى وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} خَطَرَ لِي فِي قَوْلِهِ " وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ " مَا لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ وَلَسْت مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ الْأُخْرَى صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَبِيَدِهِ الصِّفَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ الْقَبْضُ، فَهُوَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَثْرَةَ الْإِنْفَاقِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا صِفَةَ لَهُ سِوَى الْبَسْطِ فَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ الصِّفَةَ الْأُخْرَى وَهِيَ الْقَبْضُ فَهُوَ الْبَاسِطُ الْقَابِضُ وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ الْأُخْرَى صِفَةً لِلْيَدِ، وَقَوْلُهُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ مُتَعَلِّقٌ بِالصِّفَتَيْنِ مَعًا لَا بِالثَّانِيَةِ فَقَطْ، فَقَوْلُهُ يَرْفَعُ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْبَسْطِ، وَقَوْلُهُ وَيَخْفِضُ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْقَبْضِ.

١ -

{الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ} (إنْ قُلْت) وَجْهُ دَلَالَةِ الْحَدِيثِ الثَّانِي عَلَى فَضْلِ الصَّدَقَةِ (قُلْت) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِخْبَارِ عَنْ اللَّهِ بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي التَّخَلُّقُ بِمَا أَمْكَنَ مِنْ أَوْصَافِهِ الْحُسْنَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى إخْلَافِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُنْفِقُهُ الْعَبْدُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَثْرَةِ إنْفَاقِهِ تَعَالَى وَهُوَ أَعْلَمُ

[حَدِيث لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ]

{الْحَدِيثُ الثَّالِثُ} وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>