للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَرْفُوعًا «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا قَالَ وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» حَسَّنَهُ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ فِي أَمَالِيهِ، وَقَدْ وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي أَنَّ طِيبَ رَائِحَةِ الْخُلُوفِ هَلْ هُوَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَوْ فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ؟ فَذَهَبَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى الْأَوَّلِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى الثَّانِي وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى مَا ذَكَرْته فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ طِيبُهُ عِنْدَ اللَّهِ رِضَاهُ بِهِ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ وَأَرْفَعُ عِنْدَهُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ الثَّنَاءُ عَلَى الصَّائِمِ وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ، وَقَالَ الْقُدُورِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَعْنَاهُ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ وَمِثْلُهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ قُدَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ الصَّفَّارُ الشَّافِعِيُّونَ فِي أَمَالِيهِمْ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا لَمْ يَذْكُرُوا سِوَى مَا ذَكَرْته وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَجْهًا تَخْصِيصًا بِالْآخِرَةِ بَلْ جَزَمُوا بِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الرِّضَا وَالْقَبُولِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَمَّا ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ فَلِأَنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ، وَفِيهِ يَظْهَرُ رُجْحَانُ الْخُلُوفِ فِي الْمِيزَانِ عَلَى الْمِسْكِ الْمُسْتَعْمَلِ لِدَفْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ طَلَبًا لِرِضَا اللَّهِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِاجْتِنَابِهَا وَاجْتِلَابِ الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ فَخَصَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ فِي رِوَايَةٍ لِذَلِكَ كَمَا خَصَّ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: ١١] وَأَطْلَقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَفْضَلِيَّتُهُ ثَابِتٌ فِي الدَّارَيْنِ انْتَهَى.

[فَائِدَة حُكْم السِّوَاك للصائم] ١

{السَّادِسَةُ} اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الْخُلُوفِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِأَنَّهُ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْدَأُ الْخُلُوفِ النَّاشِئِ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَعِبَارَتُهُ فِي ذَلِكَ (أُحِبُّ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَعِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ إلَّا أَنِّي أَكْرَهُهُ لِلصَّائِمِ آخَرَ النَّهَارِ مِنْ أَجْلِ الْحَدِيثِ فِي خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ) انْتَهَى. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالزَّوَالِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِدَّ الشَّافِعِيُّ الْكَرَاهَةَ بِالزَّوَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَشِيَّ فَحَدَّدَ الْأَصْحَابُ بِالزَّوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>