للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا ينكرون إذاً كثرة السلوب وكثرة الإضافات، ولكن الشأن في رد هذه الأمور كلها إلى السلب والإضافة.

[الأول والمبدأ والموجود والجوهر ...]

فقالوا: إذا قيل له: أول، فهو إضافة إلى الموجودات بعده. وإذا قيل: مبدأ، فهو إشارة إلى أن وجود غيره منه وهو سبب له، فهو إضافة إلى معلولاته. وإذا قيل: موجود، فمعناه معلوم. وإذا قيل: جوهر، فمعناه الوجود مسلوباً عنه الحلول في موضوع، وهذا سلب. وإذا قيل:

...

[والقديم والباقي ...]

قديم، فمعناه سلب العدم عنه أولاً. وإذا قيل: باق، فمعناه سلب العدم عنه آخراً، ويرجع حاصل القديم والباقي إلى وجود ليس مسبوقاً بعدم ولا ملحوقاً بعدم.

...

[وواجب الوجود]

وإذا قيل: واجب الوجود، فمعناه أنه موجود لا علة له وهو علة لغيره، فيكون جمعاً بين السلب والإضافة إذ نفي علة له سلب وجعله علة لغيره إضافة.

...

[والعقل ...]

وإذا قيل: عقل، فمعناه أنه موجود بريء عن المادة، وكل موجود هذا صفته فهو عقل أي يعقل ذاته ويشعر به ويعقل غيره، وذات الله هذا صفته أي هو بريء عن المادة، فإذن هو عقل وهما عبارتان عن معبر واحد.

...

[والعاقل والمعقول ...]

وإذا قيل: عاقل، فمعناه أن ذاته الذي هو عقل، فله معقول هو ذاته فإنه يشعر بنفسه ويعقل نفسه، فذاته معقول وذاته عاقل وذاته عقل والكل واحد، إذ هو معقول من حيث أنه ماهية مجردة عن المادة غير مستورة عن ذاته الذي هو عقل، بمعنى أنه ماهية مجردة عن المادة لا يكون شيء مستوراً عنه. ولما عقل نفسه كان عاقلاً، ولما كان نفسه معقولاً لنفسه كان معقولاً، ولما كان عقله بذاته لا بزائد على ذاته كان عقلاً، ولا يبعد أن يتحد العاقل والمعقول فإن العاقل إذا عقل كونه عاقلاً عقله بكونه عاقلاً، فيكون العاقل والمعقول واحداً بوجه ما، وإن كان ذلك يفارق عقل الأول فإن ما للأول بالفعل أبداً وما لنا يكون

<<  <   >  >>