للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال جعفر بن محمد: الأدب عند الأحمق كالماء في أصول الحنظل، كلما ازداد رياً زاد مرارة.

[الحمق شر من الرعونة]

قال المأمون: تدرون ما جرى بيني وبين أمير المؤمنين هرون الرشيد؟ كان لي إليه ذنب فدخلت مسلماً عليه، فقال: أغرب يا أحمق. فانصرفت مغضباً ولم أدخل إليه أياماًن فكتب إلي رقعة يقول: الخفيف:

ليت شعري وقد تمادى بك الهج ... ر أمنك التفريط أم كان مني

إن تكن خنتنا فعنك عفا الل ... هـ وإن كنت خنتكم فاعف عني

فسرت إليه، فقال: إن كان الذنب لنا فقد استغفرناك، وإن كان لك فقد غفرناه. فقلت له: قلت له يا أحمق ولو قلت لي يا أرعن كان أسهل علي. فقال: ما الفرق بينهما؟ قلت له: الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل من طول صحبتهن، فإذا فارقهن، وصاحب فحول الرجال زالت عنه، وأما الحمق فإنه غريزة. وأنشد بعض الحكماء: الخفيف:

وعلاج الأبدان أيسر خطباً ... حين تعتل من علاج العقول

<<  <   >  >>