للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني والعشرون

في ذكر المغفلين من المعلمين

[معاشرة الصبيان سبب للغفلة]

وهذا شيء قل أن يخطىء ونراه مطرداً، ولا نظن السبب في ذلك إلا معاشرة الصبيان، وقد بلغني أن بعض المؤدبين للمأمون أساء أدبه على المأمون وكان صغيراً، فقال المؤمون: ما ظنك بمن يجلو عقولنا بأدبه ويصدأ عقله بجهلنا، ويوقرنا بزكانته ونستخفه بطيشنا، ويشحذ أذهاننا بفوائده ويكل ذهنه بغينا، فلا يزال يعارض بعلمه جهلنا، وبيقظته غفلتنا، وبكماله نقصنا، حتى نستغرق محمود خصاله، ويستغرق مذموم خصالنا، فإذا برعنا في الاستفادة برع هو في البلادة، وإذا تحلينا بأوفر الآداب تعطل من جميع الأسباب، فنحن الدهر ننزع منه آدابه المكتسبة فنستفيدها دونه ونثبت فيه أخلاقنا الغريزية فينفرد بها دوننا، فهو طول عمره يكسبنا عقلاً ويكتسب منا جهلاً، فهو كذبالة السراج ودودة القز.

قاضٍ لا يقبل شهادة المعلمين

قال الجاحظ: كان ابن شبرمة لا يقبل شهادة المعلمين. وكان بعض الفقهاء يقول: النساء أعدل شهادة من معلم.

[معرفة المؤدب بالقراء عجيبة]

وقد روينا أن الشعبي قال: سمعت أبا بكر يقول: مررت بمؤدب وقد تلا على غلام فريق في الجنة وفريق السعير فقلت: ما قال الله من هذا شيئاً، إنما هو " فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير " فقال: أنت تقرأ على حرف أبي عاصم بن علاء الكسائي، وأنا أقرأ على حرف أبي حمزة بن عاصم المدني، قلت: معرفتك بالقراء أعجب وأغرب.

<<  <   >  >>