للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القرآن من علو الله على جميع خلقه واستوائه على عرشه {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} ١. وهذا الرجل إنما تكلم بألسنتهم، فهذا محصوله من العلم الذي ادعاه قد ظهر واستبان على صفحات وجهه، وفلتات اللسان.

وأهل السنة ينكرون هذه الألفاظ، ويشيرون إلى ما فيها من دسائس أهل البدع أسوة أمثال هذا من الفلاسفة وأهل الوحدة وغيرهم ممن لم يستضئ بنور العلم، ولم يلجأ إلى ركن وثيق، فلا تنظر إلى منظر الرجل وانظر إلى مخبره.

[غلط كثير من الطوائف في مسمى التوحيد]

وقد غلط أكثر الفرق الثلاث والسبعين في مسمى التوحيد، وكل فرقة لها توحيد تعتقد أنه هو الصواب حتى الأشاعرة القائلين بأن معنى الإله: الغني عما سواه، المفتقر إليه ما عداه٢، ويقولون أنهم أهل السنة وهيهات هيهات، ولم يصبر منها على الحق إلا فرقة واحدة وهم الذين عرفوا التوحيد على الحقيقة من الآيات المحكمات وصحيح السنة. جعلنا الله وإياكم من الفرق الناجية.

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- إلى هذا المعنى فقال: وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر والكلام، ومن أهل الإرادة والعبادة، وهذا يفيد الحذر من مخالطة كل من لا يعرف دينه، وقد كان بعض العلماء إذا دخل عليه مبتدع جعل أصبعيه في أذنيه حتى يفارقه حذرا من أن يلقي إليه كلمة تفتنه.

فارجعوا رحمكم الله إلى صريح القرآن فإنه حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم، وهو النور كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٣.


١ سورة الإسراء آية: ٤٣.
٢ هذه العبارة هي التي بنى عليها السنوسي عقيدته الصغرى المشهورة وزعم أنها معنى كلمة التوحيد واستنبط الصفات السلبية والثبوتية منها، وما هي إلا من لوازمها وما كل الأشعرية يقول بأنها معناها.
٣ سورة المائدة آية: ١٥، ١٦.

<<  <   >  >>