للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المألوفة لدى العرب، ويعالج جزئيات القضايا والمسائل، ويجيب عليها، ويحاور ويناقش كما يتخاطب سائر الناس بعضهم مع بعض، ولكن يتميز من الكلام العربي المألوف بأن فيه لغة منتقاة غير نابية وأن فيه إحكاماً في التعبير، وجمعاً للمعاني المقصودة بأوجز طريق، وأقربه دون حشو مما استحق به التسمية بـ "جوامع الكلم" (١) فهو كلام عربي الطراز المعتاد المألوف، ولكنه على درجة عالية من أساليب البلغاء المعهودة.

أما أسلوب القرآن فهو أسلوب مبتكر لا يجد الناظر فيه، والسامع شبيهاً له فيما يعرف من كلام العرب، وأساليبهم يعالج الكليات، ويفرض الأحكام، ويضرب الأمثال، ويوجه المواعظ في عموم لا تشبه العمومات المألوفة، وخطاب فيه من التجريد ما يجعل له طابعاً خاصاً منقطع النظير (٢) .

ومع ذلك فإننا نرى أن أحاديث كثيرة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لها طابع الإعجاز العربي من حيث قوة الأسلوب، ومتانة التركيب، وبلاغة المعنى المقصود، وغزارة المقصود، ولذلك نرى الإمام ابن حجر يقول: " إن دخول القرآن في قوله" بعثت بجوامع الكلم" لا شك فيه، وإنما النزاع هل يدخل غيره من كلامه من غير القرآن؟ ثم ذكر أمثلة من جوامع الكلم في القرآن


(١) جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله"بعثت بجوامع الكلم.." رواه البخاري في الجهاد باب قول النبي صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب مسيرة شهر (٢٩٧٧) ٦/١٤٩، وأطرافه (٦٩٩٨و٧١١٣و٧٢٧٣) ورواه مسلم في المساجد (٥٢٣) ١/٣٧١-٣٧٢،مع اختلاف في اللفظ ورواه الترمذي والنسائي، وابن ماجه، وأحمد وابن حبان، وأبو عوانة، والبيهقي في الدلائل والسنن، وابن أبي شيبة، والبغوي في شرح السنة، وأبو نعيم في الدلائل، وفي صحيفة همام، وأبو يعلى في المسند، والحميدي في المسند.
(٢) انظر المقال في مجلة البحوث الإسلامية- المجلد الأول –العدد الأول (١٣٩٥هـ) ص٩١-٩٥.

<<  <   >  >>