للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل حكى الشيخ الإمام أحمد بن عبد الحليم الإجماع على المنع من دعائه صلى الله عليه وسلم، والطلب منه، وقرر أن هذا من شعب الشرك الظاهرة، وسيأتيك بسط كلامه.

وذكر الحنابلة كصاحب "الفروع" و"الإقناع" وغيرهم، حتى أصحاب المختصرات: أن المُسَلِّم عند القبر لا يستقبله عند الدعاء، ولا يدعو الله عنده. وهذا منهم صيانة للتوحيد.

وأبو حنيفة قال: لا يستقبله عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم، بل يستقبل القبلة، وحكاه شيخ الإسلام.

وقد كره مالك للرجل أن يدعو عند القبر الشريف، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، وذكر أنه يستقبل القبلة عند الدعاء، كما ذكره في "المبسوط" وغيره من كتب المالكية.

وفي منسك الإمام أحمد مثل هذا، بل كرهوا للرجل من أهل المدينة أن يأتي القبر الشريف كما دخل المسجد، لأنه محدث، لم يفعله أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال مالك: ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصْلَحَ أوّلَها١.


١ باعث هذه الكلمة التي هي من جوامع الكلم، ما ذكره القاضي عياض –رحمه الله- في "الشفا" ج٢/ ٦٧٦ ط الحلبي، نقلاً من "المبسوط" للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضمي، عن الإمام مالك –رحمه الله- أنه قال: لا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه، ويدعو لأبي بكر وعمر –رضي الله عنهما.
فقيل له: فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر، ولا يريدونه –أي لا يريدون السفر بل هم مقيمون- يفعلون ذلك في اليوم مرّة أو أكثر عند القبر،

<<  <   >  >>