للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدور الحبشي "٥٢٥ - ٥٧٥ م":

احتل الأحباش اليمن في عهد الملك ذي نواس الذي أصبح التنافس اليهودي المسيحي في عهده على أشد ما يكون. فقد بلغ التوتر منتهاه عندما أدرك العرب أن المسيحيين العرب كانوا واسطة لتسرب النفوذ الحبشي إلى البلاد، فاعتبر ذو نواس المسيحيين خونة، واتخذ من قتلهم غلامين يهوديين ذريعة لاضطهادهم والفتك بهم، فسار إليهم بجيش كبير ودخل مدينتهم نجران، وخيرهم بين ترك ديانتهم أو القتل، ولما أبوا إلا البقاء على دينهم أقام لهم مذبحة رهيبة وأحرق عددًا كبيرًا منهم ودفنهم في أخدود. وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ, النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} ١.

لم تمض حادثة الأخدود بسلام، فما أن أبلغ بها الإمبراطور البيزنطي "جوستين الأول" -وكانت يزنطة وريثة الحكم الروماني في الشرق تعتبر نفسها حامية المسيحية في هذه الجهات آنذاك- حتى اغتنم الفرصة لتحقيق مآرب دولته الاستعمارية في اليمن، وإضافة مراكزها التجارية البرية والبحرية إلى ما استولى عليه من مناطق كالبتراء وتدمر ومعان، التي أصبحت في ذلك الحين تحت سيطرة الروم المباشرة، فتكمل بذلك جميع حلقات السلسلة بضم الحلقة الناقصة منها، فكتب إلى نجاشي الحبشة - وكان الأحباش


١ البروج: ٤-٥، وما بعدهما من آيات.

<<  <   >  >>