للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[اللغة والكتابة]

الأنباط عرب تكلموا اللغة العربية إلى جانب الآرامية وربما اليونانية، ثم اللاتينية بدرجة أقل. وعرفوا من قبل اليونان بكونهم عربًا، وأسماء ملوكهم عربية مثل: الحارث، عبادة، رئبال، ملكو "مالك". وقد ظهر في نصوص "بتيولي" الأثرية وغيرها أسماء: علي, حبيب، سعيد التي كان يتسمى بها الأنباط, وعرب الحويطات هم الذين يمثلون الآن الأنباط القدماء. وإذا كان الأنباط القدماء قد تركوا لنا نقوشا أثرية مكتوبة باللغة الآرامية، فإنهم لم يستعملوها إلا للتعبير عن ثقافتهم؛ لأن الآرامية كانت منتشرة في جميع أرجاء الشرق الأدنى آنذاك بما يشبه اللغة العالمية. وقد استعملها الأنباط على نقودهم وأبنيتهم إلى أن انفصلت عن الآرامية بالتدريج، حتى اتخذت طابعها المميز في منتصف القرن الأول ق. م. وأصبحت ذات صفة ثابتة. وقد جاء نص "النمارة" "راجع ما جاء في الفصل الرابع من هذا الكتاب" -وهو أقدم نص عربي عثر عليه- مكتوبًا بحروف نبطية٢، إذ قد حرر الأنباط الخط الآرامي مع الزمن، حتى تحول على يدهم إلى خط عرف باسم "الخط النبطي" الذي استعمل في تدوين اللغة العربية الشمالية. ففي أحد النقوش الأثرية التي ترجع إلى عام ٢٢٨م، نلاحظ أن النص يكاد أن يكون عربيا برمته. وقد انبثق عن الخط النبطي الخط النسخي٣ الذي يعتبر من حيث القدم كالخط الكوفي المنسوب للكوفة والحيرة.


١ جورجي زيدان: العرب قبل الإسلام، ص٧٨-٧٩، فيليب حتي: تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، ١/ ٤٢٦-٤٢٧.
٢ د. جود علي: ٣/ ٦-٧؛ سهيلة ياسين الجيوري، الخط العربي وتطوره في العصور العباسية في العراق، ص١٥.
يعتقد بعض الباحثين أن الخطوط العربية سواء منها التي استعملتها الشعوب العربية الشمالية أو الجنوبية -شأنها شأن الخط الفينيقي- مستمدة من الخط السينائي الذي اكتشف ألفبائيته في موقع سرابيط الخادم في شبه جزيرة سيناء. ويعتقد الباحث جورجي زيدان أن عرب الحجاز قد عرفوا الكتابة قبل الإسلام إثر =

<<  <   >  >>