للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الغساسنة]

[مدخل]

...

[الغساسنة]

يقول الأخباريون: إن أصل الغساسنة من اليمن, وإنهم ينتسبون إلى قبيلة الأزد، وإنهم خرجوا من اليمن حينما تصدع سد مأرب، ونزلوا على ماء في سهل تهامة يسمى "غسان" فنسبوا إليه، وإن الذي قادهم في هذا الخروج هو جدهم الأعلى عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء١، الذي ينتهي نسبه إلى ثعلبة بن مازن بن الأزد بن غوث، وإن أول ملوكهم هو "جفنة" ولذا فإنهم يعرفون باسم "آل جفنة" أيضا. ونحن ليس لدينا ما ينقض ولا ما يؤيد هذه الأقوال, إنما يستدل من الشعر الذي وصلنا من صدر الإسلام، أن مثل هذه الأقوال عن أصل الغساسنة كانت شائعة في الجاهلية القريبة من الإسلام وفي صدر الإسلام٢، من مثل قول حسان بن ثابت الذي ينتمي إلى قبيلة الأزد:

فأما سألت فإنا معشر نجب ... الأزد نسبتنا والماء غسان٣

ويزعم الأخباريون أن الغساسنة حين قدموا إلى منطقة حوران والجولان وجدوا أن قبائل أخرى تسكنها وتعرف باسم الضجاعمة الذين أرجعهم النسابون إلى سليح بن حلوان من قضاعة. والمعلومات عن الضجاعمة غير متوفرة للمؤرخين، ويروي النسابون روايات مضطربة عن الذين تزعموهم. يقول الأخباريون: إن الحكم الذي أقامه الغساسنة في جهات الشام لم يأتهم عفوًا وبطريق سهل، إنما أخذوه بالقوة والحرب. فلما نزلوا المنطقة إلى جوار


١ قيل في تفسير لقب عمرو "مزيقياء": إنه كان يمزق كل يوم من سني ملكه حلتين لئلا يلبسهما أحد، أو لأن الأزد تمزقت في عهده كل ممزق عند هربهم من سيل العرم. وفي تفسير لقب عامر "ماء السماء" أن الأزد أصابها مخمصة فمناهم حتى أمطروا فقالوا: عامر لنا بدل من ماء السماء.
٢ د. جواد علي: ٤/ ١١٩-١٢٠؛ المسعودي: مروج الذهب، ٢/ ٨٣.
٣ أو كقوله مفتخرًا بالغساسنة والمناذرة:
كجفنة والقمقام عمرو بن عامر ... وأولاد ماء المزن وابني محرق
وحارثة الغطريف أو كابن منذر ... ومثل أبي قابوس رب الخورنق

<<  <   >  >>