للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنذر بن الحارث "٥٦٩-٥٨١م":

الذي كان متطرفًا في تأييد مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح، وقد حدث جفاء بينه وبين البيزنطيين بسبب ذلك, إذ ارتاب الإمبراطور جوستين "ابن أخي جوستنيان وخليفته" بولاء المنذر؛ نظرا لتعصبه الشديد لمذهبه, فكتب رسالة إلى حاكم سورية البيزنطي يأمره فيها بالتخلص منه. لكن كاتب الإمبراطور أرسلها خطأ إلى المنذر بدلا من الرسالة الموجهة إليه بدعوته إلى زيارة الحاكم للتشاور. فحصل الجفاء، وقطع الإمبراطور عنه الإمدادات مدة ثلاث سنوات متعاقبة، فتمرد وغادر أرض الروم إلى البادية، الأمر الذي أطمع المناذرة بسورية فهاجموها وأمعنوا في غزوهم لها، وأوقعوا الرعب في قلوب أهلها، مما حمل الروم على مصالحة المنذر، والتودد إليه لاسترضائه فعقد الصلح بين الطرفين في مدينة الرصافة سنة ٥٧٨م، فعاد المنذر إلى عرشه وتصدى لحرب المناذرة وانتصر عليهم، وتمكن من بلوغ عاصمتهم الحيرة وأحرقها وكان ذلك في عام ٥٨٠م.

وقد زار المنذر وولدان له العاصمة البيزنطية في العام نفسه، فاستقبله الإمبراطور الجديد "تيبريوس" الثاني بحفاوة عظيمة، وأنعم عليه بالتاج بينما لم يكن لأسلافه سوى الإكليل يضعونه على رءوسهم١. وانتهز المنذر فرصة وجوده في العاصمة لإقناع رجال


١ فيليب حتي: تاريخ سورية ولبنان، ١/ ٤٤٩، جواد علي: ٤/ ١٣٥.

<<  <   >  >>