للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تجارة مكة]

يقول "درمنجهايم": إن الازدهار التجاري الذي تصيبه شبه جزيرة العرب بعامة ومكة بخاصة، كان مرتهنًا بطريق الهند، فبحسب أن يمر الطريق إلى الهند من الشمال، عبر وادي الرافدين، فارس، أفغانستان، أو من الجنوب والغرب، عبر شبه جزيرة العرب والخليج العربي واليمن، يكون العرب إما فقراء أو أغنياء١.

والواقع أن مكة قد استفادت من وقوعها على طريق الهند، ذلك أن القوافل التجارية الآتية من اليمن ببضائع الهند والذاهبة إليها، كانت تمر فيها بوصفها محطة تجارية لا بد لها من النزول فيها. كما أعان على ازدهار مكة وارتقائها، من محطة تجارية إلى مدينة عامرة، تدهور العلاقات بين حكام فارس وحكام بلاد الشام البيزنطيين، ونشوب حروب طويلة بين الطرفين في القرنين اللذين سبقا ظهور الإسلام، مما أدى إلى تعطيل التجارة بين بلاد الشام والهند عبر إيران وأفغانستان، وإلى انتقال النشاط التجاري إلى شبه جزيرة العرب، وبخاصة ساحلها الغربي الواقع على البحر الأحمر، فاتجه المكيون إلى التجارة وانصرفوا إليها بكليتهم، لا سيما وأن سقوط اليمن في أيدي الأحباش قد أدى إلى خروج مقاليد التجارة من أيدي اليمنيين، وانتقالها بطبيعة الحال إلى أيدي المكيين، فعوضتهم التجارة ما حرمتهم الطبيعة من موارد الزراعة؛ بسبب كون الحجاز إقليمًا بسوده الجفاف والفقر في النبات.

أسهم المكيون بالإضافة إلى نشاطهم التجاري الداخلي، في التجارة العالمية، فتاجروا مع مصر والحبشة، عبر البحر الأحمر عن طريق ميناء الشعيبة الذي كان ميناء لمكة في


١ Emile Dermenghem: Ibid. , P. ٢٧.

<<  <   >  >>