للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو كقوله طرفة بن العبد:

أرى العيش كنزًا ناقصًا كل ليلة ... وما تنقص الأيام والدهر يَنْفَدِ١

ويظهر الجبر في الاعتقاد، بأن الموت حتم على كل حي في أجل معين، ليس فيه متقدم ولا متأخر. يقول عمرو بن كلثوم:

وإنا سوف تدركنا المنايا ... مقدرة لنا ومقدّرينا

ويقول طرفة بن العبد:

ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟

فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي ... فدعني أبادرها بما ملكت يدي

لعمرك, إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد

أرى الموت أعداد٢ النفوس ولا أرى ... بعيدًا غدًا ما أقرب اليوم من غد

ويرى طرفة أن الإنسان لا ينال في هذه الحياة من خير أو غنى وكثرة ولد، ولا يصيبه فيها من شر أو فقر، إلا ما كان الله قد أراد له:

ولو شاء ربي كنت قيس بن خالد ... ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد

فأُلفيت ذا مال كثير وعادني ... بنون كرام سادة لمسود

ولكعب بن زهير مثل هذا الرأي في قوله:

فقلت: خلوا سبيلي لا أبا لكم ... فكل ما قدر الرحمن مفعول

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يومًا على آلة حدباء محمول


١ راجع عن دهرية العرب قبل الإسلام وديانة العرب "مجلة العربي الكويتية - عدد ١٦٨ ص٤٩، مقال لمحمد الدش".
٢ أعداد "بالفتح" إما جمع عديد من قولهم: هذه الدراهم عديد هذه الدراهم، أي مثلها في العدد، أو جمع عِدّ وهو الماء الجاري لا ينقطع، وهو المقصود في هذا البيت, إذ يقول الشاعر: إني لأجزم أن لكل نفس ميتة، فالموت شبيه بالماء الجاري غير المنقطع على نفوس البشر، ولكل نفس ميتة، وإن المرء وإن لم يمت اليوم مات غدًا، والناس جميعا سواء في ذلك، عاجلا أو آجلا.

<<  <   >  >>