للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- تدوين السنة النبوية في القرن الثاني الهجري:

كان تعامل المسلمين مع السنة النبوية منذ أول يوم يقوم على أساسين اثنين هما: الحفظ في الصدور والتقييد في الصحف، وعلى الرغم من أن الحفظ في البداية كان هو الغالب بسبب المنع النبوي من الكتابة الذي اقتضته ظروف معينة فإن الكتابة ظلت حاضرة، ولكن بصورة محدودة إلى حد ما إلا أنها كانت تعرف مع الأيام توسعا وانتشاراً؛ بسبب ارتفاع الأسباب الداعية إلى منعها شيئا فشيئا من جهة، ثم بسبب تكاثر الدواعي إلى ضرورة حفظها بهذا الطريق. وفي بيان هذا يقول ابن الأثير: "وكان اعتمادهم أولاً على الحفظ والضبط في القلوب والخواطر غير ملتفتين إلى ما يكتبونه، ولا معوِّلين على ما يسطرونه محافظة على هذا العلم كحفظهم كتاب الله عز وجل، فلما انتشر الإسلام، واتسعت البلاد، وتفرقت الصحابة في الأقطار وكثرت الفتوح ومات معظم الصحابة وتفرق أصحابهم وأتباعهم وقلَّ الضبط احتاج العلماء إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة، ولعمري إنها الأصل، فإن الخاطر يغفل، والذهن يغيب، والذكر يهمل، والقلم يحفظ ولا ينسى" (١) .


(١) جامع الأصول من أحاديث الرسول ج١: ١٥.

<<  <   >  >>